أجرى الحوار - عوض مانع القحطاني / تصوير - عبدالله مسعود الدوسري:
نصحه والده بالالتحاق بالعسكرية، وبالفعل استجاب لكلام والده والتحق بكلية الملك عبدالعزيز الحربية.. كان مكافحا ومثابرا في عمله، تقلد عديدا من المناصب القيادية، شارك في عديد من العروض العسكرية.. أصبح ملحقا عسكريا.. عمل مدربا للطيارين في إحدى القواعد الأمريكية.
تقاعد وأصبح حاليا مستشارا وعضوا في إحدى شركات تصنيع الطائرات.. أصبح طيارا سياحيا للتعريف بالسياحة داخل المملكة. رحلتنا في هذا اللقاء مع شخصية عسكرية خدمت الوطن بكل إخلاص.. اللواء طيار ركن ناصر بن عبيد العفيف قائد الطيران العمودي في القوات البرية سابقا.
* أين كانت النشأة؟
- ولادتي ونشأتي كانت في مدينة الرياض في حي المرقب، حيث كان والدي - رحمه الله - يعمل عسكريا في الأمن العام برتبة عميد، ووالدي من سكان وأهالي مكة المكرمة.
* كيف كانت بدايتك مع التعليم؟
- درست الابتدائية والمتوسطة والثانوية في الرياض، وكانت الثانوية تدرس في ذلك الوقت بنظام الساعات، عقب حصولي على الثانوية، كانت رغبة والدي إلحاقي بالكليات العسكرية وقال لي: لا تفوتك الخدمة في ميادين الشرف، وبالفعل تم قبولي في كلية الملك عبدالعزيز الحربية، وكانت الفرص في ذلك الزمن متاحة للابتعاث للدراسة في الخارج.
* بعد التخرج كيف تدرجت في الوظائف العسكرية؟
- بعد أن تخرجت برتبة ملازم قائد فصيل تم تعييني في منطقة تبوك عام 1403هـ في لواء الإمام فيصل، وبعد 6 شهور تم ابتعاثي إلى أمريكا لدراسة اللغة لمدة عام، ولدراسة علوم الطيران لمدة عام.. وقد حصلت على شهادة علوم الطيران لمصلحة القوات البرية في عام 1405هـ وعقب عودتي عينت في السرب الرابع عشر في القاعدة الجوية في الطائف. وكان الضباط الطيارون عند تخرجهم لمصلحة القوات البرية كانوا يذهبون للتدريب وممارسة نشاط الطيران في القوات الجوية؛ لأنه لم يكن هناك معهد للتدريب في القوات البرية، وقد اكتسبت خلال الـ5 أعوام الخبرة الكافية في مجال علوم الطيران.
عقب ذلك تم إنشاء أول كتيبة طيران للقوات البرية في الحدود الشمالية في حفر الباطن عام 1410هـ، وتم نقلنا من الطائف إلى هذه الكتيبة من أجل تأسيس أول وحدة عسكرية لعلوم الطيران تابعة لقواتنا البرية، وتم تعييني مسؤولا لهذه الكتيبة لمدة عام ونصف العام وأنا برتبة نقيب.. وبعد مدة رأت القوات البرية حاجتها لطائرة أباتشي القتالية، وقد تم اختياري أنا وأحد الزملاء للدراسة في أمريكا على هذه الطائرة بحكم خبرتنا وساعات الطيران التي حصلنا عليها، حيث مكثنا في أمريكا 7 شهور لقيادة هذه الطائرة.
* دربت الضباط الأمريكيين لمدة عام
بعد أن حصلت على الشهادة وبتفوق تم تعييني في هذه القاعدة مدربا فيها للطيارين الأمريكيين لمدة سنة وأنا برتبة نقيب، وهذه أعطتني ساعات إضافية في مجال التدريب والطيران وكنت أنا أول واحد يدرب أمريكان من خارج أمريكا.
وهذا الاختيار لي هو بفضل من الله ثم بالدعم الذي نلقاه من حكومتنا في بذل المال من أجل تعليم وتدريب أبناء الوطن في أفضل الدول والمعاهد للحصول على أعلى الشهادات، وقد طرت نحو 500 ساعة على هذا النوع من الأباتشي وأنا مدرب في أمريكا.. بعدها عدنا إلى الوطن وتم تشكيل كتيبة لطائرات الأباتشي في المملكة وعينت قائدا لهذه الكتيبة في حفر الباطن.
* قدمت عرضا أمام الأمير سلطان بأول طائرة أباتشي
تم تكليفي بعمل عرض عسكري بطائرات (الأباتشي) أمام صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز وزير الدفاع - رحمه الله - لإبراز قدرات هذه الطائرة أمام سموه، وكانت المهمة صعبة ولكنها كانت لي مغامرة ونجحت في هذا العرض، وقد أعجب الأمير سلطان بهذا العرض وقد تشرفت بالسلام عليه بعد العرض وقال لي كلاما أعده وساما على صدري أنا وزملائي قال لنا: نحن فخورون بكم.
وفي رتبة مقدم تم تعييني قائدا لجناح الطيران في حفر الباطن لتدريب الطيارين، وفي رتبة عقيد عينت قائدا لكتيبة طيران الأباتشي لمدة 3 أعوام في حفر الباطن.
تم اختياري ملحقا عسكريا في اليمن وجيبوتي
تم ترشيحي لأكون ملحقا عسكريا في اليمن وجيبوتي، وقد كانت فرصة لي أن أتحول من مجال علوم الطيران إلى مجال العمل الدبلوماسي وكان شرفا كبيرا أن أخدم وطني لمدة ستة أعوام، وقد تشرفت قبل مغادرتي إلى عملي في هذين البلدين بمقابلة سمو الأمير سلطان وكان اللقاء قد استغرق 23 دقيقة وقال لي كلاما أبويا: أحرص على كل ما فيه خير للمملكة ولليمن بالتعامل الحسن وتطوير العمل العسكري بين البلدين، وقد طورت عمل هذه الملحقية وأصبح هناك تعاون من خلال عمل دورات تدريبية للإخوة في اليمن في مختلف التخصصات، وقد تمت ترقيتي إلى رتبة عميد وأنا ملحق عسكري في اليمن.
وكانت هناك زيارات لقادة عسكريين ومسؤولين بين البلدين وتم خلال هذه الزيارات توقيع عدد من الاتفاقيات والمشروعات بما يخدم اليمن الشقيق. وقد أجريت بين البلدين مناورة تحت اسم (الوفاق واحد) وكانت ناجحة.
عودتي إلى السعودية وتعييني قائدا لمعهد طيران القوات البرية في القصيم
بعد عودتي من الملحقية العسكرية في اليمن عدت إلى المملكة وعينت قائدا لمعهد طيران القوات البرية في القصيم وبقيت في هذا المعهد من عام 2008 إلى 2011م.. وهذا المعهد يخرج دورات تأسيسية للطيارين وهو أول معهد من نوعه ويخدم علوم الطيران لأفرع قواتنا المسلحة، وكانت الدورات التي تقام في هذا المعهد مؤهلة تأهيلا عاليا وما زلت أدرب وأطير مع المتدربين وأنا قائد للمعهد، وأنا أفتخر بأنه ما زال عندي هذا الطموح.
عينت قائدا لطيران القوات البرية
بعد ثلاثة أعوام خدمت قائدا لمعهد طيران القوات البرية وتم اختياري 2011 - 2016م قائدا للطيران العمودي في القوات البرية.. وقد مكثت 6 أعوام قائدا لهذا الطيران وتم بعدها إحالتي إلى التقاعد ومراحل حياتي مرت بعدة مراحل، العسكرية والدبلوماسية والمدنية.
* بعد إحالتكم للتقاعد.. ما قصة رحلتكم من طيران القوات البرية إلى الطيران المدني؟
- بعد التقاعد تم اختياري عضوا في مجلس إدارة في شركتين تعملان في مجال صيانة الطائرات العمودية تعملان داخل المملكة.. وعضوا في مجلس الخطوط السعودية وإحدى هذه الشركات تعمل في تدريب للطيارين في الحرس الوطني وطلبوا مني التعاون معهم كمدرب مدني للطيارين العسكريين، وبقيت أدرب في معهد الحرس الوطني لمدة عامين وتم تخريج عدد من الدورات، وحصلت بعد ذلك على فرصة في شركة الطائرات المروحية سعودية مدنية متخصصة في هذه الطائرات تابعة لصندوق الاستثمارات، وقدم لي عرض رئيس الطيارين من عام 2021 - 2022م وتعرفت من خلال هذا العمل على أنظمة وقوانين الطيران المدني ومارست الطيران السياحي طائرة تحمل 5 سياح من جميع دول العالم؛ للتعرف على مناطق المملكة السياحية مثل العلا والآثار.
* كم عدد ساعات الطيران التي حصلت عليها في المجال العسكري والمدني؟
- الكثرة في عدد ساعات الطيران مهمة.. لكن الأهم منها تنوع هذه الساعات، فلدي ما يقارب 3500 ساعة طيران مختلفة منها طائرات مقاتلة واستطلاعية في حرب الخليج وحرب الخوبة، والطيران السياحي مختلف. وأنا حاليا أعمل مع إحدى الشركات التي تقوم بنقل العاملين لمنصات البترول وأقوم بنقل كبار الشخصيات على نوع من الطائرات المدنية التي يقارب عددها نحو 10 طائرات، ومجال الطيران سيكون واعدا في ظل النقلة الحضارية في المملكة، وحاليا أعمل كبير الطيارين في هذه الشركة.
الحياة العسكرية 37 عاما من العمل في الطيران 6 أعوام الحياة الدبلوماسية، الحياة المدنية في الطيران 5 أعوام.
* بعد هذا المشوار ما العمل الذي تعتز بأنك أنجزته؟
- هي مقابلة الأمير سلطان - رحمة الله عليه - هي التي أعتز بها كون أنك تلتقي مع شخصية كبيرة مثل الأمير سلطان، الإنجاز الثاني عندما كنت أرفع علم المملكة على إحدى الطائرات المروحية كلفت بوضع علم المملكة على هذه الطائرة في الرياض وجدة والشرقية وأطير بها أمام الجمهور في سماء الوطن وفي اليوم الوطني، والشيء الذي أعتز به مشاركتي في حرب الخوية جنوب السعودية.
* ماذا أعطاك الوطن.. وماذا أعطيت الوطن؟
- الوطن أعطاني الكثير.. ولم أعط الوطن إلا القليل ومهما تعطي لن نوفي الوطن حقه.. كل شيء أعطانا إياه الوطن.
* من مثلك الأعلى في هذه الحياة؟
- مثلي الأعلى في هذه الحياة والدي - رحمة الله عليه -؛ لأنه وجهني ودعمني ورباني التربية الجيدة وشكل لي شخصيتي وأنا صغير.
* أين تكمن المتعة بعد التقاعد؟
- أجدها في النفس.. وأنت بنفسك من يخلق المتعة بعد التقاعد.. لا بد أن تتكيف مع التقاعد وأن تضع لنفسك برنامجا تسير عليه.. لأنه بإمكانك أن تضع لك حياة جديدة.. أنت من تصنع يومك.. ولأقاربك حق عليك.
هل تؤيد وجود خدمات ترفيهية داخل الأحياء؟
- نعم، وبكل قوة أنا مع مثل هذه المشروعات التي ترفه عن الناس خاصة كبار السن والعوائل وكذلك النادي داخل الحي.
* كيف تجد مواقع التواصل الاجتماعي سلبياتها وإيجابياتها؟
- لها إيجابيات كثيرة وسهلت علينا الكثير من متطلبات الحياة وسلبياتها تستطيع أن نتجاوزها بترك ما ليس فيه فائدة.
كيف تجد اللحمة الوطنية؟
- اللحمة الوطنية في أروع صورها للكبير والصغير عندنا لحمة بين القيادة والشعب، لا توجد في أي دولة -ولله الحمد-.
المملكة تعرضت لهجمات لا مثيل لها ولكننا صمدنا أمام هذه الهجمات وتحديناها وواجهناها بالوقوف مع دولتنا والالتفاف حول قيادتنا، وقد مرت هذه التحديات بهدوء ودون مبالاة.
* كيف تنظر إلى رؤية المملكة؟
- قيض الله للمملكة هذا الشاب سمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان صاحب فكر رائع، ويملك مقومات كبيرة جعلت المملكة تقفز قفزات هائلة، هذه الرؤية ستكون منارة للأجيال القادمة ندعو الله أن يديم على الملك سلمان الصحة والعافية، ويمد ولي عهده الأمين بالصحة والقوة والتوفيق الدائم، فهذا العهد زاهر مليء بالإنجازات والإبداع.
المملكة ظهرت بوجه جديد مليء بالحيوية والهمة ورؤية المملكة اعتمدت على إظهار الإنسان وجعله إنسانا فعالا يسهم في بناء وطنه ومجتمعه.
* ما التحديات التي ما زالت تواجهنا في المملكة؟
- التحديات موجودة، وأي شخص ناجح يكون محسودا والتحدي أمامنا يحتاج إلى مثابرة وصبر وعدم الالتفات إلى المغرضين، نحن سائرون إلى الأمام.
ما المطلوب من الإعلام لإيضاح التطورات في المملكة؟
- الإعلام السعودي يقوم بدوره ويحتاج إلى الدعم والمساندة ويقوم بواجبه، الإعلام الخاص عليه مسؤولية ولابد أن يطور من أسلوبه ويبرز الوجه المشرق للمملكة والتطورات بكل وضوح.