د. محمد عبدالله الخازم
تملك المملكة إرثاً كبيراً في العمل الإنساني، يمتد حتى بدايات تأسيس البلاد، حيث أسست أول جمعية خيرية للإسعاف الطبي في المملكة عام 1933م، والتي كانت نواة الهلال الأحمر السعودي، لاحقاً. كان أول رئيس فخري لها الأمير خالد بن عبدالعزيز (ملك البلاد لاحقاً) رحمه الله. اثنان وتسعون عاماً، تقريباً، من العطاء المميز في العمل الإنساني والإسعافي والخيري.
وضمن تطور العمل الإنساني والاغاثي، أسس (عام 2015م) مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، ليأخذ على عاتقه القيام بمهام العمل الإنساني والاغاثي الخارجي. حتماً، لست أحصر أو أقيم المنجزات والأعمال في هذا الشأن، حيث قدم ويقدم الاثنان؛ الهلال الأحمر ومركز الملك سلمان للإغاثة؛ أدواراً إغاثية وإنسانية مميزة. وإنما أكتب عن ربط سجل الإغاثة والأعمال الإنسانية السعودية كعملية تواصلية تكاملية ممتدة عبر تاريخ الوطن. وامتداداً للفكرة، أكتب عن هيكلة الدفاع المدني والعمل الإسعافي والإطفائي في المملكة.
لدينا إرث وطني ممتد على مدى أكثر من تسعين عاماً، علينا التفاخر به وإبرازه، ضمن مؤسسة إغاثية واحدة. الهلال الأحمر السعودي، أخذ على عاتقه مهمة الإسعاف ومهمة الإغاثة والأعمال الإنسانية. بعد تولي مركز الملك سلمان للعمل الإغاثي، تراجعت أهمية الهلال الأحمر في الجانب الإغاثي فتبقى له الإسعاف. مركز الملك سلمان، لا يشير في أعماله إلى أنه امتداد للهلال الأحمر وإنما يتحدث عن ذاته كمؤسسة مستقلة، وهذا أمر لا خلاف حوله من الناحية الإدارية. كما أن الهلال الأحمر هيئة مستقلة تتحدث عن منجزاتها وهذا حقها.
من هنا نقترح دمج الهلال الأحمر مع مركز الملك سلمان ضمن منظومة/ مؤسسة/ هيئة واحدة. قد تسمى مركز الملك سلمان للهلال الأحمر. أو هيئة الهلال الأحمر واعتبار مركز الملك سلمان أحد مراكزها المهمة. المسمى والتفاصيل يمكن مناقشتها، الفكرة هي ربط كيانات الإغاثة والأعمال الإنسانية لتكون ضمن منظومة واحدة. طبعاً، الدمج سيكون في الأعمال الإغاثية والإنسانية، ليبقى الشق المتعلق بالإسعاف، وهذا له الاقتراح التالي، الذي سبق أن طرحناه سابقاً.
بالنسبة للإسعاف، فقد يكون مناسباً دمج الإسعاف مع الإطفاء الذي يتولاه حالياً الدفاع المدني، لتكون منظومة (مؤسسة أو هيئة) الإطفاء والإسعاف. مفهوم الدفاع المدني، أكبر من مجرد الإطفاء، حيث هو مفهوم تشريعي/ تخطيطي/ استراتيجي/ تنسيقي/ رقابي بالدرجة الأولى، لذلك يفترض فصله عن مهام الإطفاء التنفيذية في طبيعتها، ويكون مظلة تنسق في قضايا الكوارث والحوادث الكبرى، بين القطاعات ذات العلاقة؛ الأمنية والصحية والإغاثية والبلدية وغيرها. وفي الوقت ذاته جهة تشريعية/ رقابية لمراكز الإطفاء والإسعاف والإغاثة، والمنشآت وغير ذلك، مما له علاقة.
حالياً، لدينا 765 مركزاً للدفاع المدني و609 مركزاً للهلال الأحمر (مراكز إسعاف) والدمج سيعزز ويقوي فعالية كلاهما، الإسعاف والإطفاء، عبر رفع الكفاءة وتقليص نفقات المقرات بدمج بعضها. كما أنه يمكن مستقبلاً تخصيص بعض خدمات الإسعاف والإطفاء وتحويلها إلى وظائف مدنية وليس عسكرية.
أكرر التقدير للجميع، الكل يعمل وفق التنظيمات الخاصة به سعياً لإتقان الأداء وتحقيق التطلعات. تركيزنا على التنظيم العام، والرغبة في تأكيد الاستمرارية في أعمال الإغاثة والأعمال الإنسانية وتوحيد الجهود وإبراز البعد التاريخي لأعمالنا الإنسانية والاغاثية. وكذلك تطوير مفهوم الإسعاف والإطفاء ليكون ضمن جهاز إداري واحد مفصول عن مفهوم الدفاع المدني، الذي يفترض أن يكون مظلة تشريعية وتنسيقية عليا.