بدر الروقي
في علاقاتك الحياتيَّة إمَّا أن (تُؤْجرَ) أو (تُستَأجر) فحينما تميلُ لا إلى المال، وتقبلُ بلا مقابل؛ وإنَّما في سبيل مبادراتٍ تطوعيَّةٍ جادتْ بها نفسُك، وخدماتٍ اجتماعيةٍ تشجعتْ لها إنسانيتُك.
وبالرغم من وقوعها وحدوثها خارج نطاق التكليف، وبعيداً عن حدودِ مايسمى بالمأمورية أو التسلطية، فأنت هنا تسلكُ طريق صاحب مدين، وتَرِدُ ماءه الذي قدَّمَ عليه خدمةً إنسانيةً حينما سقى للمرأتين الماء على ما كان عليه من الفقر والفاقة؛ ولكنه طلب بعمله (الأجر) لا (الأجرة) ليتحصل بعد ذلك عليهما معاً، وتشهد بأمانته وصدقه القلوب: {إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ} (26) سورة القصص.
وعلى النقيض تماماً فقد تتجه نيةُ مبادرتك، ومقاصد خدمتك ناحية طريق المصالح الانتهازية، أو ما يعرف بالتنفع الشخصي؛ لتصبح (مستأجراً) تحت بند ثناء الناس، وعند قيد إطرائهم فتكون {كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْدًا} (264) سورة البقرة».
وعندما - نتذكرُ - قصة أسرى بدر ندركُ مثل هذا المعنى؛ فالذين تأخَّرَ فداهم لقلَّة ذات اليد وانقطاع السبيل عمدَ النبي - صلى الله عليه وسلم- للاستفادة من معارفهم، إذ إنَّهم أهل كتابةٍ وحساب، فجعل شرط تعليمهم لأبناء المسلمين وخاصة أبناء الأنصار الكتابة والحساب سبباً لفداهم والعفو عنهم، فصارت الخدمة الاجتماعية والعمل التطوعي بدلاً من الحبس، ومع ما قدم هؤلاء الوثنيون من خدمة مجتمعية وعمل إنساني إلا أنهم (مُستأجرون) لا (مأجورون).
وأخيراً:
لا تكن مبادراتك التطوعية شكلاً صورياً فقط، وحبراً على ورق، أو اسماً بلا جسم.
ونيتك وهدفك لاتذهبان فقط (للأجرة) دون التفكير في (الأجر)؛ هذا في ظل الكم الهائل والطلب المتزايد للبحث عن الساعات التطوعية التي أطلقتها وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية وتفعيلها في الجهات سواء الحكومية أو غير الربحية أو القطاع الخاص، وجعلتها معيارا لترقية موظفيها، وعملاً على تطوير فرصهم التطوعية ، وبناء شخصيتهم مما يؤدي إلى تحملهم للمسؤولية داخل مجتمعاتهم، ويترك أثراً إيجابياً فيها ولسان حالهم يردد:
نتسابقُ والأكرمُ فينا
إنسانٌ يبني الإنسانا