دهام بن عواد الدهام
أنا لست من هواة التسجيل للأحداث بشكل عاجل، أنتظر زبدة الكلام وخلاصته لأسجل للتاريخ تلك الأحداث ونتائجها..
على الساحة الإقليمية والدولية السياسية حدثان متجددان أقلقا العالم وسلبيات نتائجهما على المجتمع والسلم الدولي.. وثالث يكمل أضلاع مثلث الأزمات بالمنطقة..
القضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني والثورة السورية ونتائجها على سوريا ذاتها من تدمير وتهجير وفتح الساحة السورية لقوى أجنبية تشكل تهديداً لأمن الإقليم والدول العربية..
لبنان المعطل داخلياً وعربياً بسبب صراعات داخلية بمغذي خارجي.. وأعني بالقضية الفلسطينية كقضية أولى وأساسية لسياسة بلادي، ومنذ عقود نشأت هذه القضية والمواقف الرسمية والشعبية الداعمة لاسترداد هذه الحقوق والأرض ومقدساتها، سنام هذه القضية السابع من أكتوبر 2023.. هذا المفصل التاريخي في أزمة القضية الفلسطينية بعد هذا التاريخ ليس كما قبله رغم ما قامت به قوات الاحتلال من تدمير وتطهير عرقي وإبادة جماعية، وضحايا مدنيين وأطفال ونساء وتدمير للمستشفيات والبنى التحتية في القطاع، في هذا المفصل للأسف تناقضت مواقف القوى الدولية السياسية بين الجلاد والضحية وعجز المجتمع الدولي بكل كينوناته من وضع حد لعمليات جيش الاحتلال وتدمير الأرض والبشر حتى محكمة العدل الدولية وإن كانت قد اتخذت الموقف القانوني الأصح إلا أنها لم تستطع فرض تلك الأحكام في ظل قوى دولية فاعلة وداعمة للاحتلال الإسرائيلي سياسياً وعسكرياً.
في خضم هذه الأحداث كان لبلادي نشاطها الدؤوب على المنابر الدولية، وفي قصور وبيوت الحكومات الفاعلة لوقف هذا العدوان الغاشم، تبنت خطة سلام استنادا لقرارات الشرعية الدولية وأساس المبادرة العربية للسلام تتمثل في حل الدولتين مع الحفاظ على حقوق الشعب الفلسطيني ومقدساته، بل إن قيادة بلادي وهي تملك زمام قراراتها قد أعلنت وفي مناسبات عدة أن لا علاقات دبلوماسية مع إسرائيل قبل منح الفلسطينيين حقوقهم ودولتهم المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية.. هذا الإعلان قطع كل طريق عن التأويل والطعن بمواقف بلادي المبدئية من هذه القضية، ومع هذه الجهود تبنت عدة اجتماعات إقليمية ودولية وزارية وقمم عربية وإسلامية لنصرة القضية الفلسطينية حتى في ظل الحرب على غزة وإلى جانب جهودها السياسية والدبلوماسية لم تتخل عن دعمها الإنساني للشعب الفلسطيني من خلال تقديم المساعدات المباشرة أو من خلال المنظمات الدولية المكلفة بتقديم المساعدات للشعب الفلسطيني..
اليوم، وقد ساهمت بكل هذه الجهود يتحقق وقف إطلاق النار في غزة بعد أن أثخن الاحتلال دماراً وتقتيلاً في الشعب الفلسطيني في غزة ولعل تلك الحرائق والفظائع قد أحيت الضمير العالمي وتمنع تكراره..
أما سوريا، فقد كانت بلادي داعما حقيقيا وصادقا في دعم ثورة هذا الشعب العربي إن كان من نظامه أو التدخلات الأجنبية التي وجدت البيئة لتصفيات عرقية وعقدية، الشعب السوري بكل أطيافه يدرك ويعلم جيدا الدور السعودي الداعم لقوى الثورة لن أخفي سراً إن قلت أنني لم أر طيلة قربي من المسرح السياسي كيف كانت غضبة الأمير سعود الفيصل -رحمه الله- في أحد الاجتماعات الخاصة بالشأن السوري حين لم يجد التأييد الكامل من تلك القوى المجتمعة لدعم الثورة السورية، ومع كل المعطيات الإقليمية والدولية لم تغفل سياسة بلادي كافة السبل لاحتواء النظام في دمشق بالطرق السلمية وتعديل النهج والمنهج لدعم الاستقرار.. أما وقد سقط النظام فكان حضن المملكة المبادرة لاجتماع بالرياض شاركت فيه دول عربية ودولية وإقليمية عديدة لدعم الوضع الجديد في سوريا وكان بيان وزارة الخارجية https://www.mofa.gov.sa/ar/ministry/statements/Pages/N331.aspx واضحا حول أهداف ونتائج هذا الاجتماع حتى لا يكون الفضاء السوري منفذاً جديداً لصراعات داخلية وإقليمية وبؤرة سلبية للإضرار بالسلم والاستقرار الشعبي أو حتى استخدام الوضع الجديد لزعزعة الاستقرار في الدول العربية، دعم النظام الجديد في دمشق لإعادة إعمار سوريا ورفع العقوبات الدولية المفروضة عليه مشارك المجتمع السوري بكافة أطيافه ضمن العملية السياسية وعدم ترك المجال لقوى داخلية أو خارجية تهدم انتصار الشعب السوري.
في هذا المسرح الإقليمي لم تغفل عين الرياض عن بيروت ودعمها باستقرار حكومي وبانتخاب رئيس للجمهورية يعيد لبنان إلى استقراره السياسي والاقتصادي وإلى حضنه العربي وقطع الطريق على قوى إقليمية تهدف إلى إيجاد الثغرات في الجسم العربي لتنفيذ أجندات لتحقيق مصالحها الخاصة..
من هذه المعطيات أعود إلى عنوان مقالي من الرياض تستكمل بشائر الخير في ساحاتنا العربية والإقليمية دعما لاستقرار عالمي.