عبدالله إبراهيم الكعيد
لم نُفقْ بعد من مُدهشات الذكاء الاصطناعي وصدمة الشرائح الدماغية التي تُزرع في رؤوس البشر لخلق تعايش أوثق بين الذكاء البشري والذكاء الرقمي حسب قول صاحب الفكرة الملياردير الأمريكي ايلون ماسك حتى سمعنا بما يُسمى بتحريض الدماغ لإنتاج أحاسيس محددة ومقصودة.
قالها وزير الدعاية للرايخ في حكومة النازي أدولف هتلر الهرّ يوزف جوبلز «كلما سمعت كلمة ثقافة تحسست مسدسي» وأقول: كلما سمعت مصطلح الذكاء الاصطناعي تحسست رأسي.
بالفعل، من ذا الذي يصدّق اليوم كل ما يراه في منصات السوشيال ميديا من مقاطع فبركها محترف لدرجة خُرافية؟ شاهدنا رئيس الولايات المتحدة الأمريكية دونالد ترامب يراقص مالك منصة (x) بشكل يصعب على كثير من الناس التفريق بين الحقيقة والفبركة.
أكتب لكم اليوم وأنا أتحسس جمجمتي التي لن أسلّمها حتى للحلاق الاّ بعد التأكد بأنني لن أخسر قواي العقلية. نعم، قد لا أضمن قيام أحدهم ليس بزراعة شريحة في دماغي، لكنني أخشى ارتكاب أفعال رغما عن إرادتي بفعل تحكّم الذكاء الاصطناعي عن بُعد. هل يمكن أن يحدث مثل هذا؟
نعم يُمكن حسب ما نشرته المنصات الاعلامية وربما أبعد من ذلك {وَمَا أُوتِيتُم مِّنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا}.
يُشير صاحب كتاب صناعة السعادة السيّد ويليام ديفيز إلى أن العلماء بجامعة زيورخ (أكبر جامعات سويسرا) اكتشفوا أن في مستطاعهم إنتاج إحساس بالصواب والخطأ من خلال تحريض منطقة معينة بالدماغ. تصوروا، بإمكان العِلم التحكّم بأحاسيس البشر وتحريضهم على ارتكاب أفعال شنيعة دون الإحساس بالذنب؟
قيل أن للعلم قدرات قد يضع بها حدودا للمعرفة لكنه لا يستطيع وضع حدود للخيال، فالخيال ميادينه غير محدودة لدرجة أن الكثير من النظريات العلمية انطلقت من خيال عالِمٍ طرح سؤالاً على نفسه تورط به لاحقا، مما دفعه إلى السعي بكل أدوات العلم التجريبي إلى أن يهتدي لنظرية انبثق منها في الغالب مكتشفات واختراعات أخرى قد خدمت البشرية أحياناً ودمرتهم أحايين. صحيح أن للمعرفةِ حدودا لكن هنالك من لا يعترف بتلك الحدود، ولا يقف عندها فيسعى لتوسيع الدائرة استناداً على خياله غيرالمحدود.
أوضح دليل لقولي السالف تجارب الهندسة الوراثية التي يمكن من خلالها تعديل الجينات التي تؤثر على العواطف والسلوكيات مما يمكن من هندسة مشاعرنا وراثياً.
صفوة القول: بالرغم من أن الذكاء الاصطناعي أداة واحدة من أدوات ذلك (الجنون) العلمي الاّ أن أحد تطبيقاته أحرج العُلماء بسؤال أخلاقي: «إلى أيّ مدىً يجب أن يتدخل العلم في الأحاسيس البشرية؟ وهل هذا يُعتبر تحكماً أم علاجاً؟».