ناصر زيدان التميمي
كتمان السر من أرقى الفضائل الإنسانية التي تميز الشخص الحكيم والوقور. فالسر أمانة تُحفظ بين يدي الثقة والأمين وتُصان عن الإفشاء والتسريب. يحمل كتمان السر معاني عميقة من الاحترام والأخلاق الراقية.
منذ القدم اعتبر العرب كتمان السر من أهم الصفات التي يتحلى بها الرجل الكريم. فالسر عندهم يمثل الأمانة والثقة المطلقة بين الأفراد. كان الواحد منهم يفتخر بقدرته على حفظ أسرار الآخرين وعدم إفشائها مهما كانت الظروف.
لا يكتمُ السرَّ إلاّ من لَهُ شرفٌ
والسرُّ عِندَ كِرامِ النَّاسِ مكتومُ
يروي التاريخ قصصاً كثيرة عن أناس حافظوا على أسرار أصدقائهم وأقاربهم حتى في أصعب الظروف. فكتمان السر يعتبر دليلاً على القوة والشجاعة والنبل الأخلاقي. إنه اختبار حقيقي لمدى نضج الإنسان وقدرته على التحكم في نفسه.
الدين الإسلامي يؤكد على أهمية كتمان السر واعتباره من الأمانات التي يجب الحفاظ عليها. فقد حث الرسول - صلى الله عليه وسلم - على الكتمان واعتبره من أخلاق المؤمن الصادق. كما أن القرآن الكريم يمدح أصحاب الأسرار والذين يحفظون ما ائتمنوا عليه.
في عالمنا المعاصر أصبح كتمان السر أكثر أهمية مع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي والتكنولوجيا الحديثة. فالكثير من الأسرار يمكن أن تنتشر بسرعة البرق مما يسبب مشاكل كبيرة للأفراد والمجتمعات.
لذلك يجب على كل إنسان أن يتحلى بخُلق كتمان السر ويدرك أن الثقة التي يمنحها له الآخرون هي أمانة عظيمة. فمن يحفظ سر غيره يكون قد أدى واجباً أخلاقياً وإنسانياً نبيلاً يستحق الاحترام والتقدير.
لا تفشِ سراً ما استطعت إلى امرئ
يفشي إليك سرائراً يُستودع
فكما تراه بسر غيرك صانعاً
فكذا بسرك لا محالة يصنع