د.عبدالعزيز الجار الله
الشاعر اللبناني حسن العبد الله صاحب قصيدة (أجمل الأمهات) الذي توفي عام 2022، يعد أحد أشهر شعراء الحروب اللبنانية إبان فترة الاحتلال الإسرائيلي، في أواخر السبعينيات من القرن الماضي أصدر العبد لله أول دواوينه الشعرية، بعنوان «أذكر أنني أحببت» وهو الديوان الذي اختار منه الفنان اللبناني مارسيل خليفة قصيدة «أجمل الأمهات» وقصيدة «من أين أدخل في الوطن؟».
حكاية هذه القصيدة «أجمل الأمهات» التي كتبها الشاعر حسن العبدالله في أواخر السبعينيات من القرن الماضي زمن الاجتياح الإسرائيلي الأول عام 1978 على لبنان، لأم تنتظر عودة ابنها الشاب من جبهة القتال، فتبقى منتظرة كل يوم عودته، فيعود الزملاء والأصدقاء من ساحة الحرب إلا هو لا يعود، وفيما بعد أخبروها بأنه استُشهد في جبهة القتال، ومن هذا المشهد كتب العبدالله مشاعر الأم المكلومة وحزنها على الابن الذي غيَّبته ساحات القتال.
أما في عشرينيات هذا القرن، في الربع الأول منه الأحد 19 يناير 2025، عودة أهل غزة فلسطين إلى بيوتهم في المدن والمخيمات بعد اتفاق غزة 15 يناير 2025؛ لتفقُّد بيوتهم وأشلاء شهدائهم وما بقي صامداً من البشر والشجر والحجر، وهنا المفارقة المؤلمة: أن الشباب من الأبناء هم من يبحث عن الأمهات والأطفال من الإخوة والأقارب، يمشون سيراً على الأقدام يبحثون عن بقايا أمهاتهم، وأشقائهم الصغار، فحرب الإبادة الإسرائيلية استهدفت النساء الأمهات والأطفال، 70 % من شهداء غزة أكتوبر 2023 من أصل أكثر من (50) ألف شهيد، هم من الأمهات والأطفال وهذا ليس صدفة بل هدف مقصود للقضاء على جيل من الشعب الفلسطيني، حددوا هذه الشريحة المنتجة والمستقبل، قصدوا تأخير جيل لأكثر من (30) سنة حتى يتكون من جديد، لكن جيل غزة الصامدة كما قال الشاعر العبدالله: صامدون هنا... صامدون هُنا باتجاه الجدار الأخير.
قصيدة أجمل الأمهات:
أجمل الأمهات التي انتظرت ابنها
أجمل الأمهات التي انتظرتُه
وعاد مستشهداً
فبكت دمعتين ووردة
ولم تنزوِ في ثياب الحداد
لم تنتهِ الحرب لكنه عاد
ذابلة بندقيته ويداه محايدتان
أجمل الأمهات التي انتظرته وعاد
أجمل الأمهات التي عينها لا تنام
تظل تراقب نجماً يحوم على جثة بالْظلام
لن نتراجع عن دمه المتقدم في الأرض
لن نتراجع عن حبنا للجبال التي شربت روحه
فاكتست شجراً جارياً
نحو صيف الحقول...
صامدون هنا... صامدون هنا
قرب هذا الدمار العظيم
وفي يدنا يلمع الرعب في يدنا
في القلب غصن الوفاء النضير...
صامدون هنا... صامدون هُنا
باتجاه الجدار الأخير