خالد بن حمد المالك
بإمكان الرئيس الأمريكي أن يكون صانع سلام، وأن يترك أثراً كصانع للسلام، فهو رئيس أقوى دولة في العالم، وهي الدولة التي لديها القدرة على منع ما يعكِّر السلام، باستخدام ما تتمتع به من نفوذ وقوة، متى كانت هناك رغبة، وهناك إرادة، وهناك تصميم على فرض السلام العادل.
* *
وأمام الرئيس الأمريكي ترامب الفرصة الشخصية ليكون الزعيم العالمي الذي يمكنه أن يتفرَّد بترك أثر لشخصه كصانع سلام في العالم، خاصة مع إعلانه بأنه يريد أن يترك أثراً كصانع سلام، وفقاً لما جاء في خطاب تنصيبه رئيساً للولايات المتحدة الأمريكية للمرة الثانية.
* *
وصناعة السلام - بالأفعال لا بالأقوال- تحتاج منه لأن يكون عادلاً ومنصفاً، ويقف على مسافة واحدة بين الخصوم في المناطق الملتهبة، وتلك التي تشهد حروباً منذ زمن، دون وجود حل لها، فهل لدى ترامب المقدرة ليكون ذلك الزعيم العالمي الذي يمكنه أن يحقق ما فشل غيره في تحقيقه، بعدله وإنصافه، وصدقه، واستخدام قوة ومكانة بلاده؟
* *
هناك رغبة لديه -كما صرَّح بذلك- ليكون صانع سلام، وأنه يريد أن يترك أثراً ليكون هو ذلك الملهم في صناعة السلام، لكن متطلبات تحقيق هذا الأمل تحتاج من الرئيس الأمريكي الكثير من العمل لمعالجة الأوضاع الساخنة، والانتصار لحقوق الشعوب المظلومة، ووضع نهاية للاحتلال والاستعمار، مهما كلَّف أمريكا من جهد وثمن، إحقاقاً للحق والعدل، ومنعاً لاستقواء القوي على الضعيف.
* *
يمكننا أن نأخذ منطقة الشرق الأوسط - كمثال- حيث تعاني بعض دولها من عدم الاستقرار، ومن حروب عادة ما تكون إسرائيل طرفاً فيها، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، ضمن أسباب أهمها الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين، واعتداء إسرائيل على جيرانها، وامتناعها عن تنفيذ التزاماتها في تحقيق قرارات مجلس الأمن ومؤسساته، وأهمها قرار التقسيم عام 1948م الذي ينص على إقامة دولتين واحدة إسرائيلية وأخرى فلسطينية.
* *
لا أعتقد أن الرئيس ترامب مع تأييد خيار قيام الدولتين، وإذا كان مع ذلك فسيكون ضمن الشروط الإسرائيلية التي إن تجاوبت فسوف يكون القبول بفلسطين كدولة غير قابلة للحياة، ومجردة من شكل الدولة، مع أن إسرائيل ترفض حتى هذا الشكل من دولة فلسطينية، خوفاً من أن تكون كما تدَّعي تل أبيب عند إقامتها مصدر تهديد للوجود الإسرائيلي في المنطقة.
* *
الرئيس ترامب، يزعم أن فترته ستكون فترة سلام، وأنه سيكون صانع سلام، وأن لديه الرغبة في ترك أثر كصانع سلام، وهو توجه حسن إن تم تحقيقه، متى كانت لديه العزيمة والإرادة بأن يكون هذا المشروع ضمن أهم إنجازاته، فلعلنا نلمس جدية في تحقيق ما أعلن عنه، ولا تكون القضية الفلسطينية خارج برنامجه ونواياه وأهدافه في تحقيق السلام المنشود.