سارا القرني
في غمرة الأحداث التي شهدتها غزة بعد اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس، يبرز دمار لا يمكن إغفاله وخسائر تكتيكية وإنسانية فادحة، تدفعنا للتساؤل عن مدلول النصر الذي تتحدث عنه حماس، مع بدء تنفيذ الاتفاق، يتضح لنا أن غزة لم تعد مجرد ساحة للصراع، بل صارت مقبرة جماعية تحمل أثقال الدمار والخراب.
واضح أن حماس تحتفي بما تعتبره نصراً استراتيجياً، لكن السؤال الذي يطرح نفسه هو: كيف يمكن لحماس أن تعتبر نفسها منتصرة وسط هذا الدمار الهائل؟ تقديرات حديثة تشير إلى أن 90 % من المنازل في غزة تحولت إلى أنقاض، مع خسائر بشرية مروعة حيث تجاوز عدد الضحايا 50 ألف ضحية، معظمهم من الأطفال والنساء.
هل يمكن أن يكون هذا الثمن المناسب لتحرير ألف أسير فلسطيني؟ هذا السؤال يتردد في أذهان الكثيرين الذين يرون في هذه الخسائر تكريساً للفشل أكثر منه نجاحاً، فالخسائر لم تقتصر على الأرواح فقط، بل شملت البنية التحتية بأكملها؛ مع تدمير المستشفيات والمدارس وشبكات الكهرباء، مما أدى إلى تحول القطاع إلى منطقة لا يمكن الحياة فيها بطبيعتها السابقة.
تذكرني هذه الأحداث بالكوارث التاريخية حيث تهور بعض القادة بقراراتهم، فسقطت ضحاياها آلاف الأبرياء، من بينها الحرب العالمية الثانية حيث قررت قيادات مختلفة تسويق النصر على حساب حياة المدنيين، كما في هيروشيما وناجازاكي، حيث تكبد اليابانيون ثمن الخيارات الاستراتيجية الجنونية بدماء الآلاف، مع فارق التشبيه.
في السياق الحالي، حماس تواجه انتقادات شديدة لأنها وضعت الناس في موقف يشبه الرهينة بين النصر الزائف والدمار الحقيقي، الدمار الذي شهدته غزة ليس مجرد أرقام أو إحصائيات، بل هو ضياع أحلام ومستقبل لأجيال ستظل تعاني من آثار هذه الحرب لسنوات قادمة.
هل يمكن لحماس أن تتراجع عن فهمها للنصر الذي يتطلب أرواح الأبرياء؟ هل سيكون هناك يوم يعيد للفلسطينيين في غزة شيئاً من الحياة التي عرفوها قبل أن تتحول إلى دمار وخراب؟ هذه أسئلة تتعلق بمستقبل القطاع وبقادة يجب أن يتحملوا مسؤولية تصرفاتهم التي أدت إلى هذا الوضع المأساوي.
في ضوء كل هذا الدمار.. يبقى السؤال: لو كان هذا شكل الانتصار يا حماس، فما شكل الهزيمة؟!