مها السريّع
في وقت يتسارع فيه التطور التكنولوجي وتتوسع فيه الأسواق يومًا بعد يوم، تظل المحاسبة اللغة العالمية التي تربط بين الأرقام والقرارات والرؤى الاستراتيجية. المحاسبة ليست مجرد تسجيل للإيرادات والمصروفات؛ بل تُعد حجر الزاوية في اتخاذ القرارات الحاسمة التي تُشكل ملامح مستقبل الشركات والدول معًا.
تتمتع المحاسبة بأهمية استثنائية في عالم الأعمال، فهي الأداة التي تُستخدم لقراءة الأداء المالي للشركات وتحليل نقاط القوة والضعف فيها. عندما تتخذ شركة قرارات توسعية أو تخوض مغامرات استثمارية جديدة، فإن هذه القرارات تُبنى على تقارير محاسبية دقيقة. وبهذا، تصبح المحاسبة مكوّنًا استراتيجيًا في المنظومة الاقتصادية.
ومع التغيرات المستمرة في البيئة الاقتصادية، تواجه المحاسبة تحديات جمة. فمن جانب، هناك تطور في المعايير المحاسبية الدولية، ومن جانب آخر، تفرض التكنولوجيا الذكية واقعًا جديدًا يغير طريقة جمع البيانات وتحليلها. مثل تقنيات الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات الضخمة، تُستخدم الآن لتقديم تقارير مالية أكثر دقة وتوقّع سيناريوهات مستقبلية أفضل.
لكن هذه التحولات تُعد فرصة ذهبية للمحاسبين لتطوير مهاراتهم وضمان مكانتهم في طليعة الابتكار والتطور التقني. وهنا يبرز السؤال: كيف يمكننا، كمجتمع أكاديمي ومهني، تعزيز دور المحاسبة في رسم خارطة الطريق للتنمية الاقتصادية؟
في السعودية، تبرز المحاسبة كأداة رئيسية لدعم رؤية 2030، حيث تلعب دورًا محوريًا في تحقيق الشفافية المالية وتعزيز الاستثمارات المحلية والأجنبية. فعلى سبيل المثال، تسهم معايير المحاسبة الدولية في بناء ثقة المستثمرين العالميين وتعزيز جاذبية السوق السعودي، مما ينعكس إيجابًا على الاقتصاد الوطني. تظل المحاسبة أكثر من مجرد أرقام؛ إنها وسيلة لفهم الاقتصاد، وصناعة القرارات، ورسم ملامح المستقبل. إننا بحاجة إلى إدراك دور المحاسبة في تشكيل الاقتصاد الوطني، والعمل على تمكين المحاسبين ليكونوا جزءًا فاعلًا في تحقيق التنمية المستدامة.