م. بدر بن ناصر الحمدان
«الجمال يجمع الناس»، بهذه العبارة تستقبلك ثقافات العالم أينما تكون وجهتك، وفي تجربة المكان عادة ما يشار الى دور جمالية العمران في لفت الانتباه الى قضية الهوية المحلية والانتماء الى الأماكن التي يعيش فيها الناس ويرتبطون بها وجدانياً من خلال أعمال مبنية يمكن إدراكها والشعور بها، مما يُحفّز على استكشاف العمارة كفن يُعبّر عن الإبداع الإنساني المرئي من خلال الأعمال الفنية التي لا تقتصر على نطاق الكتل المبنية كنتيجة بل يمتد الى استعراض المهارات والحرف والصناعات اليدوية التي كانت وراء المشهد الأخير، والتي يمكن من خلالها رواية التجربة من زاوية «النظر الى الأشياء المألوفة بطريقة غير مألوفة»، فــ»العمارة تتحدث عن زمانها ومكانها» كما يقول فرانك جيري.
الحديث عن العمارة كفَنَّ هو حديث عن (وِرث)، العنوان الأكثر تعبيراً عن المعهد الملكي للفنون التقليدية، المؤسسة التي تضطلع بمهمة تمثيل ثقافة المملكة وتأصيلها وروايتها من منظور معرفي بهدف «تمكين قطاع الفنون التقليدية بالمملكة من خلال تقديم برامج تعليمية وثقافية ومجتمعية نوعية وتحفيز التوثيق والبحث والابتكار لسوقٍ حيويٍ مستدام» باعتبار أن هذه الثقافة هي الأرض التي يقف عليها الإنسان السعودي في بناء حضارته ومجتمعه العمراني.
(وِرث)، أصبح اليوم هو (لغة التراث المبني) التي يتحدث بها إنسان العمارة السعودية من خلال الترويج لمهاراته التي طوّرها بالتزامن مع تاريخ تطور البناء منذ كان يبحث عن المواد والتقنيات المحلية في رحلة تشييد المأوى وملحقاته وحتى وصل الى بناء القرى والمدن كتجمعات عمرانية تبرهن على قدرة هذا الإنسان على التكيف مع بيئته المحيطة وتطويعها من أجل العيش.
الفن هو «منح الناس طريقة مختلفة للنظر إلى محيطهم»، لذا أجزم أن (وِرث) كثقافة، سيصبح السيناريو الأكثر تأثيراً في تمكين الناس من تجربة الأماكن التي يعيشونها (بأيديهم).