خالد بن حمد المالك
لا يزال اللبنانيون يترقبون تشكيل الحكومة برئاسة الرئيس المكلَّف نواف سلام، غير أن الثنائي الشيعي بتمسكه بوزارة المالية كأنه يريد أن يحول دون تشكيلها، فبينما يرى الوزير سلام أن الحكومة يجب أن تعتمد على الكفاءات، بعيداً عن المحاصصة والامتيازات في توزيع الحقائب الوزارية على الأحزاب، فإن الثنائي الشيعي ينطلق من أن المراسم يوقّع عليها رئيس الجمهورية وهو مسيحي ماروني، ورئيس الوزراء وهو مسلم سني، ويبقى توقيع وزير المالية الذي يجب أن يكون بنظر الثنائي مسلماً شيعياً.
* *
ويتحجج الثنائي بأن إعطاء حقيبة وزارة المالية للشيعة هو ما ظل سائداً ومتبعاً، وهو ما درجت عليه الوزارات السابقة، إلى جانب توزيع بقية الوزارات السيادية على الأحزاب الأخرى النافذة، وهو ما لا يراه الرئيس المكلَّف، مؤيَّداً على ما يبدو من رئيس الجمهورية، وبالمنطق فإن الشيعة ممثّلون بالوزارة، وما من مراسيم أو قرارات إلا ويكون صوتهم حاضراً، حتى لو لم تكن حقيبة وزارة المالية لهم في التشكيل المرتقب.
* *
هناك كفاءات من بين الشيعة من هم خارج حزب الله وحركة أمل يمكن إسناد حقيبة المالية لواحد منهم، ولكن ما لا يريده الرئيس المكلَّف أن تكون الوزارة مخصصة للثنائي تحديداً، والوزارات الأخرى موزعة بين بقية الأحزاب بشكل دائم، مما يفرغ مجلس الوزراء من الاضطلاع بدوره كما ينبغي.
* *
حجة الثنائي الشيعي ربما لا يكون لها ما يبررها، فالتوزيع موجود أساساً بما هو أكبر من وزارة في حكومة، إذ إن للشيعة رئاسة مجلس النواب وللسنة رئاسة مجلس الوزراء، ورئاسة الجمهورية للمسيحيين الموارنة، والشيعة ممثّلون في مجلس النواب ومجلس الوزراء بأكثر من غيرهم، فلِمَ هذا الإصرار على حقيبة بعينها، وهل توقيع أو عدم توقيع وزير المالية من شيعي مرتبط بعدم الثقة برئيس الجمهورية ورئيس الوزراء.
* *
لبنان يمر بظروف صعبة، ودعمه والتعاون معه لن يتحقق بدون تشكيل الوزارة، وأي تأخير في تشكيلها لا يخدم لبنان وشعب لبنان، وأن تكون وزارة المالية بيد شيعي أو غيره لن يغيِّر في الأمر شيئاً، وإذا أخذ بمطلب الثنائي الشيعي، فسيجد الرئيس المكلَّف نفسه مجبراً على الاستجابة لمطالب الأحزاب الأخرى في اختيار الوزارات السيادية التي يريدونها، وقد يكون هناك تضارب على وزارات معينة بين أكثر من حزب.
* *
نتمنى على الإخوة في الثنائي الشيعي أن يحسنوا الظن بمن سيتولى حقيبة المالية حتى ولو لم يكن شيعياً، وأن يتنازلوا عن قناعاتهم وإصرارهم وتمسكهم بوزارة المالية، في سبيل مصلحة واستقرار لبنان بعد طول معاناة خسر فيها لبنان الشيء الكثير في الأرواح والممتلكات، بما لا طاقة للبنان ليتحمّل المزيد.