سهم بن ضاوي الدعجاني
عندما قال المتحدث الرسمي لرئاسة أمن الدولة العقيد تركي الحربي: «نواجه (سردية فكرية) مخيفة جدا في المملكة، تحاصر وتضاد جوانب مضيئة في ثقافتنا وهويتنا، أفكار تعزز الذاتية، للانتصار على (المكون الأم)، بكافة مستوياته، ليوضع لك البديل وتترك ما لديك»، إنه بهذا الحديث الصريح يضع يده على الجرح فنحن في هذا البلد العظيم نعي بشكل دقيق أن هناك مواجهة ثقافية بأساليب ناعمة ضد «المملكة» تهدف إلى طمس الجوانب المضيئة وتعزيز أفكار الذاتية والانفصال عن «المكون الأساس»، وهي تسعى ليل نهار عبر مختلف وسائل التواصل الاجتماعي، لتقديم بدائل مختلفة ومتلونة حسب مصالحهم، هدفها البعيد هو إبعاد الشباب السعودي عن هويتهم الوطنية وقيمهم الإسلامية وثقافتهم السعودية.
و«الإرجاف»، هذا المصطلح القديم الجديد، يخلق حالة من القلق والتوتر في حياة الفرد بل ويؤثر على قدراته وثقته بنفسه، مما يخلق اضطرابا في الانتماءات والولاءات على كافة المستويات الدينية والوطنية والأسرية مما يؤثر على عقل الفرد وقدرته على التمييز بين الصح والخطأ والحق والباطل، وهذا هو الطريق السريع إلى جزر بعيدة عن الوطن وهموم التنمية والبناء الحضاري يخيم عليها التشويش والحيرة في علاقة الفرد مع واقعه المعاش، المحصلة النهائية لهذا كله هي التقليل مما نملك من إنجازات وطنية على كافة المستويات الدينية والثقافية والفكرية والسياسية، من خلال حوار ناعم خبيث يهدف في نهاية المطاف إلى «التحقير» لكل ما يراه ويعايشه شبابنا وفتياتنا من حيوية مؤسسات وطنهم العظيم التي تسابق الزمن لصناعة «منجزات» غير مسبوقة بل هي عابرة للقارات وحديث العالم اليوم.
السؤال الحلم
تتعدد الأساليب و»الإرجاف» واحد، والعلاج كذلك واحد هو «صناعة الوعي» من خلال مؤسسات الوطن التي تعنى بشريحة الشباب، وأعلم من خلال عملي السابق أن وزارة التعليم لديها إدارات وأقسام معنية بخارطة «الوعي الفكري» لدى منسوبي الوزارة ،تهدف إلى تعزيز الوعي الفكري والانتماء الوطني في إدارات التعليم والوحدات التنظيمية التابعة لها والإسهام في تحقيق التكامل والتوازن والوسطية في طرح الأفكار المتنوعة التي تخدم منهج الاعتدال الفكري، والمعنى الأكبر للوعي الفكري في نظري هو «امتلاك الفرد القدرة على فهم الأفكار بنفسه والتعبير بحرية ومناقشة الآراء الخاطئة، واستخدام عقله دون تقليد الآخرين بفكر مستقل، يضمن له حياة مستقرة على كافة المستويات بدءا من الأسرة وانتهاء بالوطن»، وهنا أتذكر ما كتبه معالي تركي آل الشيخ في حسابه على منصة (X) قبل فترة، عندما أشار إلى أن «هناك حسابات تصطاد في الماء العكر»، ولاشك أن هذه الحسابات وغيرها لن تتحطم إلا على صخرة «الوعي» الذي على الهيئة العامة للترفيه، الاستمرار في تكثيف مشاريعها الجبارة في احتواء الشباب وتنمية الوعي الوطني تجاه قضايانا المصيرية من خلال «الشراكة الغير تقليدية» مع وزارة التعليم ووزارة الرياضة ووزارة الثقافة لتعزيز المناعة الفكرية السعودية فهي خط الدفاع الأول تجاه «الإرجاف» بكل أنواعه وأشكاله وأوقاته، ليبقى الوطن عزيزا بولاء مواطنيه لقيادتهم الرشيدة، وليظل «المكوّن الأم» شامخا في وجه المرجفين.