م.عبدالمحسن بن عبدالله الماضي
1 - الشخص الذي يعيش عظمته الداخلية هو شخص نفسه مملوءة بحب العطاء والتسامح والميل إلى نبذ الجفاء، والاهتمام بالتئام الجروح، والسعي لإصلاح الأخطاء، والرغبة في التعبير عن الامتنان.. ولا يترك أي فرصة لإظهار مشاعره الودودة إلا وينتهزها، وإذا تعرض لما يزعجه تغافل عنه، ونجده بعد ذلك كله سعيداً فرحاً كأنه حصل على شيء كبير في حياته.
2 - مملكة العظمة مقرها النفس، وتقوم على الرغبة في الوصول إلى أعلى درجات الحب للنفس وللآخرين وتَقَبُّلهم إنسانياً، وإبداء التعاطف مع معاناتهم، وجعل التسامح والتغافل والعفو والكرم من عاداته، وبث روح المواساة لكل محتاج، ونشر السلام في المحيط، وجعلها ركائز مهمة في حياته.
3 - عَظَمَتنا الداخلية هي نقيض السلبية، ممثلة في ذاتنا العليا الكريمة وليس المغرورة.. هذه العظمة الداخلية تملك طاقة وقوة أكبر بكثير من كل المشاعر السلبية مهما كانت مسبباتها.. فالمشاعر العليا يمكنها خلق فرص الالتقاء والود، ومعالجة كل التشوهات التي يمكن أن تخلقها المشاعر السلبية، هذه المشاعر العالية تزيد من تقديرنا لذاتنا، وترفع من قدرتنا الإبداعية، وتجعلنا نرى المستقبل بإيجابية بعيداً عن التوجس والخوف.
4 - مملكة العظمة في دواخلنا لا تقوم ولا ترتفع ولا تكبر ولا تتسع ولا تتعمق ولا تنتشر ولا تعم إلا بسمة واحدة أساسية بدونها لا وجود للعظمة في داخلنا ناهيك عن أن تكون مملكة، تلك السمة هي سمة الحب.. فالحب يجعلنا كرماء حنونين مخلصين متسامحين متعاونين دافئين ممتنين متواضعين ناهضين شجعان.. في سريرتنا صفاء، وفي أرواحنا عذوبة، وفي قلوبنا حب شمولي جارف للبشر والشجر والحجر، نفيض حباً وعناية واهتماماً وجوداً، فالحب نور يضيء الحياة.
5 - الحب فضيلة سواء كان قليلاً أو كثيراً، متطرفاً أو معتدلاً، لأنه محفز للتقدير واللطف والتسامح والرأفة والحماس والقبول والإعجاب والاحترام.. الحب يحفز فينا روح الإقدام والاهتمام والولاء والمودة والتضحية والعناية والرعاية، ويشعل فينا الطاقة، ويبث فينا المشاعر التي تحركنا وتوقظ ما ركد من مشاعرنا تجاه الناس والأحداث والأشياء.
6 - الحب شفاء يحول الحياة إلى لون وردي، ويجعل الهواء نقياً، ويحيل برد الشتاء الخارجي إلى دفء داخلي.. وعندما يستيقظ الحب في قلبك وعقلك لا ترى الأمور كما كنت تراها سابقاً، وتترك هوايات كنت تستمتع بها، لكنك بعد أن وقعت في الحب صرت تراها من زاوية مختلفة وربما مناقضة.. فحينما تحب فأنت تحب كل شيء وتحب كل مخلوقات الله.. حينما تحب سوف تكتشف أن هناك من يقوم بأمور من أجلك لا يقوم بها لغيرك، ولم تفطن لها إلا بعد أن وقعت في الحب.. فالحب معجزة تغير الإنسان للأفضل مهما كان سيئاً.
7 - في الحب شيء غريب، فهو معدٍ! ففي حضرة الحب نصبح أكثر قبولاً وتسامحاً مع الآخرين، ومع الحب نصبح أكثر قابلية لفهم ما لم يكن مفهوماً لنا سابقاً، وأكثر قبولاً لأن نفعل ما لم يكن مقبولاً أن نفعله سابقاً.. عجيبة طاقة الحب هذه، ففيها إشعاع يغيرنا جذرياً نحو الأجمل والأفضل في لباسنا، وعلاقاتنا، وأحاديثنا، واهتماماتنا، وإبدائنا لمشاعرنا.. بل إن طاقة الحب العجيبة تجعلنا نرى أنفسنا على حقيقتها، نرى ما لم نكن نسمح لأنفسنا أن نراه من خلالها.. وتجعلنا نلغي كافة التبريرات المحتملة لأي تصرف غير مبرر كنا نرى له كل المبررات، الأكثر عجباً من ذلك أننا نبدأ نشعر بحب الآخرين لنا وهو ما لم نكن نشعر به سابقاً أو لم نكن نلقي له بالاً.
8 - الحب هو الحب مهما حاول العلماء والفلاسفة تفسيره وتفصيله وتصنيفه.. فهم يقولون إن الحب أنواع وأنه درجات تبدأ من الحب هوناً حتى التعلق.. ويقولون إن حب الوالدين غير حب الأبناء أو حب الزوجة أو حب الزملاء والأصدقاء، وهكذا.. لكنهم أيضاً يقولون إن الحب غير انتقائي ولا تحويلي ولا محدود، وأنه سلس مشع وتعبدي وطاهر ومستفيض ورحيم وإيثاري.. ويرون أن الحب مرتبط بالفرح والإيمان والوجد والصبر والتعاطف والمثابرة والجمال والكمال والتسليم والانفتاح، وأنه مع الحب تصبح الأشياء والأحداث أموراً متسامية راقية شاملة.
9 - حينما تشرق مملكة العظمة في داخلنا بالحب تشرق بالفرح، ذلك الفرح الذي يمد الجسد بطاقة لا تنضب، فترقص كامل أعضائه ومشاعره وأحاسيسه بنشوة عارمة لا تتوقف.. فلا نشعر بالتعب ولا الوحدة، فقد امتلأت أرواحنا بالحب، ونبدأ في مرحلة التخلي عن الحياة العادية وننتقل إلى الحياة اللاعادية، الحياة التي لا حدود لها، الحياة المنبسطة على مد النظر ببساط الفرح، حياة القفز والانطلاق والأحلام والطموحات والآمال العريضة.
10 - الحب إحساس عظيم يُنْشئ في داخلنا مملكة.