نجلاء العتيبي
في خضمِّ التطوُّرات التقنية المتسارعة أصبحت الخدمات الإلكترونية والحكومة الرقمية في المملكة العربية السعودية نموذجًا يُحتذى به في التحوُّل الرقمي.
فمن خلال المبادرات الحكومية الرائدة، مثل (رؤية 2030)، وُضِعت البنية التحتية الرقمية في صدارة الأولويات؛ لتُسهم في تحسين جودة الحياة، وتعزيز الكفاءة هذا التحوُّل العميق تجاوز المفهوم التقليدي للخدمات؛ ليصبح جزءًا لا يتجزَّأ من حياة المواطن اليومية، يُعيد تشكيل التفاعلات بين الأفراد والمؤسسات بأسلوب أكثر سهولة وفعالية.
أول ما يلفت النظر في تأثير الحكومة الرقمية هو تسهيلُ الوصول إلى الخدمات، حيث بات بإمكان المواطن السعودي إنهاء إجراءاته بضغطة زرٍّ دون الحاجة إلى مراجعة المكاتب أو انتظار الطوابير على سبيل المثال، أُطلقت منصات مثل «أبشر» و»توكلنا» لتصبح أدوات شاملة تُلبِّي احتياجات متنوعة، من تجديد الوثائق الرسمية إلى متابعة المخالفات المرورية، وإجراء الحجوزات الصحية، هذه المنصات لم تقتصر على توفير الوقت فقط، بل منحت الأفراد فرصةً لتركيز طاقاتهم على أمور أكثر أهمية في حياتهم.
إلى جانب الراحة التي تُوفِّرها الخدمات الإلكترونية، فقد لعبت دورًا محوريًّا في تعزيز الشفافية والمصداقية؛ إذ ساهمت الأنظمة الرقمية في تقليل الفجوة بين المواطن والجهات الحكومية؛ ما أضفى طابعًا من الثقة في الأداء الحكومي لم يعد المواطن مضطرًّا للقلق بشأن الروتين -أو الواسطة- فكل إجراء يتمُّ توثيقه إلكترونيًّا؛ ما يُقلِّل من احتمالية التأخير، ويعزز العدالة. هذه الإنجازات التقنية لا تُثير إعجاب المواطن فحسب، إنها تمتدُّ لتبهر الزُّوار من الخارج، حتى الزائر الأوروبي القادم من دول التقدُّم التي طالما ارتبطت بالتطور التقني يجد نفسه مندهشًا أمام مستوى الابتكار الذي وصلت إليه المملكة.
تبدأ تجربته منذ لحظة وصوله إلى أرض الوطن، حيث يلاحظ الانسيابية في التعامل مع الأنظمة الرقمية، سواء في المطارات الذكية التي تُسهِّل إجراءات الدخول والخروج أو من خلال التطبيقات التي تُتيح له حجز الخدمات، والتنقل بكل يُسرٍ.
هذا الانبهار يعكس الجهود المبذولة لتطوير تجربة المستخدم؛ لتصبح المملكة نموذجًا عالميًّا يُضاهي أكبر الدول المتقدمة.
كما أن التحوُّل الرقمي خلق بيئة محفِّزة للابتكار، فقد أصبح المواطن جزءًا من منظومة ذكية تُتيح له التفاعل مع التقنيات الحديثة، مثل الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات، هذا التحوُّل لم يكن مجرد تطوير للبنية التحتية، بل هو دعوة لاستثمار الإمكانات البشرية في مجالات التقنية وريادة الأعمال، فالشباب السعودي على وجه الخصوص وجد في هذه البيئة فرصةً لتحويل أفكاره إلى مشاريع تخدم الوطن، وتفتح آفاقًا جديدة للاقتصاد الوطني.
وفي سياق آخر، أسهمت الحكومة الرقمية في تعزيز مفهوم الاستدامة، فمن خلال تقليل الاعتماد على الورق، وتقليص الحاجة إلى التنقل انخفضت الانبعاثات الكربونية، وتحسَّنت الكفاءة البيئية.
هذا التحوُّل لم يُعزِّز فقط العلاقة بين المواطن والبيئة، بل ساعد أيضًا في توفير الموارد وتحقيق الاستخدام الأمثل لها.
ولا يمكن إغفال الأثر الاجتماعي لهذه الثورة الرقمية، فالخدمات الإلكترونية جعلت حياة الأفراد أكثر تواصلًا وترابطًا، حيث قلَّصت المسافات بين المدن والقرى، فلم يعد المواطن في المناطق النائية يشعر بالعزلة أو نقص الخدمات، فقد أتاحت التكنولوجيا له حقًّا متساويًا في الوصول إلى مختلف التسهيلات التي توفرها الدولة. ويمكننا القول وبكل اعتزاز؛ إن الحكومة الرقمية ليست مجرد تطور تقني، بل هي نموذج لحياة عصرية متكاملة تُعلي من قيمة الوقت والكفاءة، فالمملكة ومن خلال هذه المبادرات لم تُحدث تغييرًا تقنيًّا فحسب، بل أوجدت ثقافة جديدة تقوم على الابتكار والشفافية والاستدامة، وجعلت حتى الزائر يشعر بأن سهولة التعامل مع الخدمات هنا تجربة استثنائية وفريدة، هذا التأثير الشامل يعكس الرؤية الطموحة لقيادة المملكة، وحرصها على أن يكون المواطن محور التنمية والازدهار.
ضوء
«سأجعل منكم شعبًا عظيمًا، وستستمتعون برفاهية هي أكبر كثيرًا من تلك التي عرفها أجدادكم».
الملك عبدالعزيز - طيَّب الله ثراه.