مها محمد الشريف
ما حدث في لبنان وسوريا يستحق الوقوف عنده كثيراً باعتبارهما من الدول المهمة في عالمنا العربي والتي تتمتع بموقع جغرافي استراتيجي وكانت مطمعا لمشروعات إقليمية أهمها التمدد الإيراني الذي قطعت أهم أذرعته الخارجية في الدولتين، وسعيا إلى استقرارهما تحركت السعودية عبر دبلوماسيتها ومكانتها الدولية لدعم استقرارهما ومساندتهما لينطلقا إلى الطريق الصحيح في التنمية والأعمار والاستقرار وهو النهج السعودي الذي تسعى له دائما بدعم السلم والاستقرار في المنطقة والعالم.
إن أفكار السلام والتعاون المشترك من أعمق المفاهيم ذات الأهمية من حيث محتوى اجتماعي وسياسي واقتصادي، إذ لا بد من القول إن الأفراد هم من يصنعون السياسة في نهاية الأمر، ويحددون أهدافها ويتخذون مواقف سامية عادلة والتي يعيش بها البشر أكثر اعتدالا وعرفوا الوسائل الممكنة لاستمرار الحياة المستقرة الآمنة، ودعوة السعودية قادة سوريا الجديدة لزيارتها «نقلة نوعية» في العلاقات بين البلدين ودليل على حرص الرياض على استقرار وأمن دمشق.
فالزيارات التي قام بها وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، إلى لبنان وسوريا، نقطة تحول رئيسية في إطار سياسة المملكة العربية السعودية، الرامية إلى دعم استقرار وتأمين عودة البلدين الشقيقين إلى الحضن العربي. فقد أسفرت هذه الزيارات عن نتائج إيجابية تعزز من موقف المملكة ودورها المؤثر في المنطقة، وإعادة التوازن السياسي والاقتصادي للدولتين المتأثرتين بالأزمات.
وهذا ينم عن اهتمام السعودية ودعم الحكومة اللبنانية في جهودها لاستعادة الاستقرار، ومناقشة درجة الضرورة المتعلقة بهذه المشكلات، ولكي تنجح فإنها تحتاج إلى وحدة وطنية ودولة قوية، حيث استقبل الرئيس اللبناني العماد جوزيف عون الوزير السعودي بحفاوة، مما يعكس رغبة المملكة في تعزيز الحوار وتأكيد الدعم العربي للبنان، وتعمل المملكة على المساعدات العاجلة، مما يشير إلى فتح قنوات التعاون مع لبنان في مجالات عدة مثل التعليم والصحة والبنية التحتية، وسيكون له أثر كبير على تحسين الوضع الاقتصادي الحرج الذي يعيشه اللبنانيون.
لقد عملت المملكة العربية السعودية دبلوماسيا من خلال علاقاتها الدولية على إدانة العدوان الإسرائيلي، والضغط من أجل وقف لإطلاق النار ليكون مستداما، ولذا فإن الرياض اليوم تريد للخروقات الإسرائيلية أن تتوقف، وأن يطوي لبنان هذه الصفحة، ويبدأ بالتعافي، ولكن على رغم ما جرى في لبنان وغزة وانهيار نظام الأسد وخروج إيران من سوريا، لا يزال أنصار الملالي في لبنان تجد نفسها في مأزق وتحاول صنع العراقيل.
ففي وسط النقاشات والأحداث القرار السعودي يشير بوضوح مكانته ويعد من مظاهر القوة ويتخذ شكلا مبتكرا أمام ما يحدث وعلى مدى العصور والبلدان السياسة عملها يظل مختلفا دائما، وهذا ما يعمل عليه الساسة في السعودية في هذه المرحلة الانتقالية في سوريا إلى تغيير إيجابي، حتى لا تصبح ساحة لصراع جيوسياسي. فمعرفة كيف نقرر تعني أخذ المبادرة والإمساك بزمام الأمور، فقد مرت عقود من الزمان من القوى الإقليمية أو العالمية حول نظام الأسد، وحاولوا تغييره من دون جدوى، أو تعاملوا معه، أو التفوا حوله، من أجل تحقيق مصالحهم الخاصة. لكن لم يعد بإمكان هذه الأساليب أن تستمر، وسوريا تستحق فرصة للمضي قدما والتخلص من بؤس أعوام حكم الأسد، ويجب على العرب والمجتمع الدولي دعم سوريا في جهودها الرامية إلى إعادة بناء اقتصادها والانفتاح على العالم وإحلال السلام والوئام داخليا.
إن الجهود التي تبذلها السعودية لرفع العقوبات عن سوريا كبيرة، وأنها تلقت إشارات إيجابية، مؤكدة أهمية تنفيذها وتستعجلها لإتاحة الفرصة للنهوض الاقتصادي السوري بالشكل الذي يدعم اقتصاد البلاد والعيش الكريم للشعب السوري. جاء ذلك على لسان الأمير فيصل بن فرحان، وزير الخارجية السعودي، خلال مؤتمر صحافي أعقب لقاءه قائد الإدارة السورية أحمد الشرع.