د. منصور الجريشي
يعد الإرجاف شرا من الشرور، وداء خطيرا يتسلل إلى داخل المجتمع من خلال ما يبثه المرجفون من سموم فتاكة وأقاويل كذابة لا تمت للحقيقة بصلة، فالمرجفون شر مستطير على المجتمع يحاولون بكل ما يملكون التأثير على المجتمع المتماسك بأكاذيبهم ونشر الشائعات بينهم لخرق تماسك المجتمع.
فديدن هؤلاء المرجفون نشر الاخبار الكاذبة التي يرجون من ورائها نشر الرعب بين الناس؛ أو احتقانهم كونهم يجدون المتعة واللذة في تخويف المجتمع، وأشغالهم وتخويفهم من المستقبل، بل ويسعون إلى أبعد من ذلك وهو تفريقهم، وتمزيقهم ليكون فريسة سهلة في أيدي الأعداء.
فالمرجفون يهولون من الموقف ولو كان شيئا بسيطا لا يذكر، فربما يأتيك شخص في أحد المجالس، ويطلق لسانه بالأقاويل الكاذبة، وعند ما يسأل من أين أتيت بالخبر؟ وما مصدرك؟ يقول على الفور: يقولون. ولم يكلف نفسه عناء التثبت من خبره الذي ذكره. ويجب أن لا يترك هذا الشخص هكذا حتى لو كان هذا الشخص تصرف عن حسن نية؛ بل على المتلقي أن يوقفه عند حده ويُرد عليه أنه لا صحة لما يقوله، ويوضح له بالدليل حتى يعلم جميع من بالمجلس أن هذا الخبر شائعة تنشر من قبل المغرضين. نعم: هذا هو المواطن الحق الصالح الذي يذب عن وطنه ويدافع عنه، ويوضح للجميع أن الحقائق تستقى من حسابات الوزارات الحكومية وإداراتها والموثوقة وهي مسؤولة عن نشر الأخبار الصحيحة.
كما نشاهد أن هناك بعض الحسابات في مواقع التواصل الاجتماعي قد تنشر أخبارا مكذوبة حتى يتلقفها الناس وينشروها، وهناك من الأشخاص بحسن نية أو غيرها يساعدونهم على نشرها، ولو تُركت هذه الشائعة ميتة في مهدها -بلا شك- سنحد من نشرها، ولن يجدوا هؤلاء المرجفون سبيلا للنشر.
إذا يكون الرد على هؤلاء المرجفين ناقلي الشائعات لنمنعهم من نشر أفكارهم الهدامة، من خلال الآتي:
* حظر الحسابات المشبوهة في موقع التواصل الاجتماعي وعدم متابعتها، والابلاغ عنها.
* التحذير من الحسابات المشبوهة في مواقع التواصل الاجتماعي الأخرى، ويُعلم أصدقاءه بأن صاحب هذا الحساب مرجف كاذب لا يمت ما ينشره للحقيقة بصلة، ويطلب منهم حظر الحساب والابلاغ عنه.
* المقطع أو الخبر المنشور دون وجود معلومات عن المرجف الذي نشره، ويوضح لمن معه في المجلس أو القروب بأن هذه الخبر شائعة، ويبين أن القنوات الحكومية المكلفة بنشر الأخبار لم تنشرها في حسابها، ولو كان هذا الخبر صحيحا لنشرته الوزارة في حسابها الرسمي، لأن الوزارة همها المواطن والوطن ومن أجله أنشئت هذه الوزارة.
* في المجالس الخاصة عند ورود شائعة يجب عدم تمريرها، بل الرد على من أورد هذه الشائعة بأنها غير صحيحة، متبعا عملية الايضاح التي ينبغي أن تكون حتى يعلم جميع من بالمجلس بأنها لا صحة لها.
* إبلاغ جهات الاختصاص عن كل ما يعكر صفو الأمن والأمان، فالدولة -أيدها الله- فتحت قنواتها لاستقبال البلاغات والتعامل معها.
قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ} (6) سورة الحجرات.
ومن منطلق هذه الآية الكريمة يجب علينا التثبت من الأمر قبل إذاعته والتحقق منه قبل نشره، ولم يتركنا الله عز وجل هكذا دون تعليم؛ فقد بين الله لنا أن من لا يتثبت من الأمر ويتبين قد يندم يوما على فعلته التي فعلها، وحينها لا ينفع الندم، وهذا ينطبق تماما على من ينشر خبرا دون تثبت فقد يندم ولربما يحدث له أمر لا تُحمد عواقبه، فالجهل لا يعفيك من العقوبة، فقد أقرت الانظمة التعامل مع حالات نشر الأخبار الكاذبة أو تناقل الشائعات لتأثير على الناس وشحنهم، فقد ورد في نظام جرائم مكافحة جرائم المعلومات الآتي نصه: «يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على خمس سنوات وبغرامة لا تزيد على ثلاثة ملايين ريال، أو بإحدى هاتين العقوبتين كل شخص يرتكب أيا من الجرائم المعلوماتية الآتية:
- إنتاج ما من شأنه المساس بالنظام العام، أو القيم الدينية، أو الآداب العامة، أو حرمة الحياة الخاصة، أو إعداده، أو إرساله، أو تخزينه عن طريق الشبكة المعلوماتية، أو أحد أجهزة الحاسب الآلي».
لذلك يجب على الفرد محاسبة نفسه قبل أن يحاسب على فعلته حينها لا ينفع الندم إضافة إلى ذلك قد يكسب ذنبا يحاسب عليه يوم القيامة عند ما يُخيف الناس. قال الرسول صلى الله عليه وسلم «لا يحل لمسلم أن يروع مسلما».
وأخيراً..
نصيحتي لكل من يستخدم مواقع التواصل الاجتماعي أن يتأكد من صحة الخبر أو المعلومة قبل نشرها حتى لا تنعكس بشكل سلبي عليه، ويصبح من فئة المرجفين، وربما يصبح خبره أداة يتداولها المغرضون والحاقدون، فكثرت المشاهدات والاعجابات لا تجدي نفعا ما دامت المعلومة غير صحيحة، ويمكن تصبح وبالا على صاحبها، فاستسقِ المعلومة من مصادرها الصحيحة، وتوكل على الله.