شيخ عماد الدين
عندما تتشكل أمة بفقرة تتمكن من النهوض بعملياتها، وتجسر على أن تتدرع بإمكانياتها الذاتية التي تقوض أعمدة بناء المخاطر والتهديدات أمامها، عندما تترابط أعضاؤها، وتتماسك الأيادي وتكون إحداها درعا للأخرى ويشعر بأذى عضو آخر، ويعتني بكرامته وعزته وتتصادق في جميع الأشياء، تتمكن من بناء ثقافة تعني وجودها للعالم وإلا تعيش كما تعيش أمتنا اللآن، في إبان انحطاطها مع اضمحلال القدرة والعزة!.
منذ زمن بينما كانت تتآكل هذه الأمة بالحروب الأهلية والمؤامرات السياسية الداخلية وتتلاشى بقوتها العلمية والعسكرية وتتقهقر بسبب ضعف بنيتها التحتية في العلوم والسياسة والتكنولوجيا، إذ تمكنت الأمم الأخرى من تشديد بنيتهم التحتية فتداعوا عليها من كل أفق بكل طاقتهم للسيطرة والهيمنة.
تقوم الدولة بشعبها، لأنهم العمود الفقري الذي يستقيم به الكيان، ولإثبات واستقامة هذا العمود الفقري، من اللازم أن تستثمرالدول الإسلامية في العلوم والفنون والتكنولوجيا، وتهتم بتشديد البنية التحتية في المجالات المهمة منها الرياضية، الفيزياء، الكمياء، الطب، البيولوجيا، الهندسة والتكنولوجيا وتبعث في نفوس الطلاب والطالبات دوافع إليها وأن تنهض بشؤون الطلبة الأذكياء المتمكنين من الابتكار، وأن تستثمر فيهم كما تفعل الدول الأخرى كأمريكا، انجلترا، اليابان والهند.
إنها تعتبر دولا متقدمة بناء على أنها تركز على قواعدها ومبادئها التعليمية حتى تكون بنيتها التحتية متفوقة وذات الجودة العالية ولأجلها تستثمر وتعتني بطلبتها العباقرة لأنها تعتبرهم منارة لدولهم وعمادها حتى رأينا بعض الدول الغربية كأمريكا تستثمر في الطلبة الأجانب لتستخلص من ذكائها المكونات التي تبرم دولتها من حيث نراها اليوم تملك زمام العالم.
وعلى الجانب الآخر، قد هدمت الحروب الأهلية المزمنة دعائم التعليم وأمات الجوع، والعوز رغبة التعليم وقوة الابتكار في معظم دول الشرق الأوسط، قد أفلست هذه الدول نتيجة للمؤامرات الداخلية والنزاع فيما بينهم الناتج عن القوة الخارجية ومن جراء شدة الحرص على العرش، حتى لم يهتموا بأقوال الرسول صلى الله عليه وسلم «إن الله أوحى إلي أن تواضعوا حتى لا يفخر أحد على أحد ولا يبغي أحد على أحد» وهم مضطلعون بأمور الأمة الإسلامية.
ولكن هناك بعض الدول المثمرة تتمكن من إعادة الوعي بين الشعوب لبناء هذه الدول وإعادة مجدها وعزتها بالتعاون والتضامن واستثمار الثروة في بناء الدولة واسقامة الفقرة.
إن بناء الأمة يبدأ ببناء الإنسان القادر على الإبداع والابتكار، وهذا لا يتحقق إلا بالتعليم الذي يوازن بين القيم الدينية والعلمية ويعزز التفكير النقدي.
على الدول الإسلامية أن تركز على تطوير البنية التحتية للبحث العلمي والتكنولوجيا، وتوفير الدعم للمواهب الشابة والاستثمار في العقول المبدعة. كما أن التعاون بين الدول الإسلامية في مجالات العلم والتكنولوجيا سيحقق نقلة نوعية ويعيد للأمة مكانتها. ولابد أن تُعزز العدالة الاجتماعية وتمكين الشباب والمرأة، لأنهم عماد النهضة. إن الأمم لا تنهض إلا بالإصرار والعمل الجماعي الذي يتجاوز الخلافات، فليكن شعارنا البناء المشترك من أجل مستقبل مشرق للأجيال القادمة.
** **
- الباحث في قسم اللغة العربية جامعة عالية، كولكاتا، الهند