محمد الخيبري
منذ بداية إخضاع الأندية السعودية للحوكمة والمراقبة المالية وسن القوانين التي تحفظ حقوق النادي قبل حقوق اللاعبين المحترفين والمدربين وعدم التنازل اللجاني عن أي «تراخِ» مالي قد يؤدي إلى قصور عملية الحوكمة من أي ناد، ونبرة تفاوت الدعم الحكومي من نادِ لآخر المتداولة بين الجماهير وبعض الإعلاميين لم تختفِ ومن جميع الميول..
وعلى الرغم من الظهور الإعلامي للمسؤولين في الرياضة السعودية وكرة القدم السعودية والذين فصلوا في حيثيات الدعم، وأن الحكومة الرشيدة تسعى وبكل قوة للنهوض برياضاتنا إلاّ أن هذا الطرح لم يتغير، وأن هناك من يحاول توجيه أصابع الاتهام لنادٍ معين وأن هذا النادي أخذ دعماً مختلفاً يفوق الدعم الذي تحصلت عليه الأندية الأخرى..
وسأكون بهذا المقال أكثر شفافية، وذلك لغرض تقريب وجهات النظر المختلفة وتوضيح ما يمكن إيضاحه من وجهة نظري المتواضعة..
في الحادي والعشرين من شهر مايو لعام 2018 وجَّه صاحب السمو الملكي الأمير «محمد بن سلمان « ولي العهد، رئيس مجلس الوزراء وعراب رؤية المملكة 2030 حفظه الله بسداد جميع ديون الأندية المتعلقة بالاتحاد الدولي «FIFA» وإنهاء كل القضايا العالقة هناك لتبدأ فترة التصحيح والحوكمة عبر بيان رسمي من رئيس هيئة الرياضة آنذاك معالي المستشار «تركي آل الشيخ»..
هذا التوجيه الذي حمل صفة «المساواة» بسداد المديونيات دون الرجوع لحجم المبالغ المتفاوتة بين الأندية كون المبالغ التي تم سداد المديونيات هي من المقام السامي وليس من حسابات الأندية مما يجعل الأمر أكثر جدية للتوجه للعمل المؤسساتي وفق مبادئ وحوكمة الاستدامة المالية للأندية..
وكان نادي النصر أكثر المستفيدين من هذا الدعم وسداد المديونيات؛ حيث إن مجموع ديونه بالاتحاد الدولي تجاوز الـ 147 مليون ريال مقارنة بالأندية الجماهيرية الهلال والاتحاد والأهلي التي تفاوتت حجم الديون لديهم بين 30 مليونا و 36 مليون ريال..
حالياً أغلب الجماهير النصراوية و «بعض» الإعلاميين المهتمين بالشأن النصراوي حاملين لواء «المظلومية» مستخدمين مواقع التواصل الاجتماعي للتعبير عن مطالبهم بدعم ناديهم ومساواته مع «الهلال» الأكثر دعماً على حد وصفهم ومتناقضين مع الواقع...
حيث إن النصر أول الأندية دعماً باللاعبين المحترفين بحصولهم على خدمات النجم الأعظم بالعالم الأسطورة البرتغالية «كريستيانو رونالدو» وقبل بداية عمل برنامج الاستقطابات حيث حضر بفترة الانتقالات الشتوية وتم إبرام تعاقدات برنامج الاستقطابات بالفترة الصيفية التالية..
وإضافة إلى ذلك، فإن النصر أول الأندية التي أكملت نصاب لاعبيها المحترفين و «المواليد»، والهلال لعب فترة طويلة ولم يكمل النصاب حتى الميركاتو الشتوي الحالي..
وما يحاول النصراويين إخفاءه أن الهلال من أكبر الأندية في قارة آسيا مالياً حيث إنه يضم أكثر من عشرين راعيا رسميا للنادي بمداخيل تتجاوز السبعمائة مليون ريال سنوياً. وفي مطلع الأسبوع الماضي أبرم عقد رعاية جديدا مع شركة «نادك للأغذية» إضافة إلى وجود أكبر شخصية رياضية داعمة للرياضة السعودية بين أعضائه الذهبيين والألماسيين صاحب السمو الملكي الأمير «الوليد بن طلال» والذي قدم للخزينة الهلالية هذا الموسم 182 مليون ريال إضافة إلى تخصيص ملعب «المملكة أرينا» المكيف لإقامة مباريات الفريق الأول على أرضه..
ويحاول النصراويون أيضاً إخفاء حقيقة أن ناديهم يعاني إدارياً، وهي معضلة مستمرة مع النادي لعقود من الزمن بدليل أنه تم حل أكثر من مجلس إدارة للنادي لأسباب مختلفة مما يؤكد أن هناك فراغا إداريا كبيرا وخللا كبيرا ساهم في العديد من الإخفاقات على الرغم من وجود الدعم الكبير والمناسب والمنصف للنادي..
إضافة إلى ذلك فإن نادي النصر لايوجد لديه رعاة وشركاء بحجم جماهيريته وتاريخه وهذا أمر هام لإضافة الموارد المالية والمحافظة على الاستدامة المالية وانتعاش خزينة النادي ومعالجة أي قضية احترافية بسهولة..
العزف الإعلامي الجماهيري النصراوي على وتر ضعف الدعم والموارد المالية وأن هذا الضعف هو سبب حقيقي وراء إخفاقات الفريق الأول لكرة القدم وابتعاده عن البطولات، عكس فريق الهلال الذي لا يغيب أبداً عن المنصات وتحقيق الإنجازات بسبب الدعم الهائل الذي تحصل عليه دون غيره هو السبب الحقيقي للتوهان الجماهيري وابتعادهم عن مناقشة الأسباب الحقيقية لإخفاقات ناديهم المتكررة على الرغم من وجود الدعم الحكومي المتساوي والعادل ووجود النجوم العالميين المميزين في صفوف الفريق الأول لكرة القدم لديهم..
جميع التقارير والاحصائيات والبيانات التي تناولناها إعلامياً تؤكد أن الدعم الحكومي للأندية متساوٍ وقد يختلف اختلافا طفيفا ويتفاوت بين نادٍ وآخر، علماً بأن هذا التفاوت لايؤثر على عدالة المنافسة، وتمت دراسة هذا التفاوت بعناية فائقة لتجنب ظلم الأندية وهو ما يؤكده ردود الفعل من إدارات الأندية، خصوصاً الأندية المستحوذ عليها «صندوق الإستثمارات العامة»..
وعلى الرغم من أن كون المرجعية المالية للأندية المستحوذ عليها من قبل صندوق الاستثمارات العامة، وهي الأندية الجماهيرية والأكثر تواجدا بالمنافسة جهة رسمية واحدة، وهو الأمر الذي يتعارض مع مبادئ وسياسة الاتحادات القارية والدولية إلا أن التجربة السعودية الاستثنائية كانت ناجحة بكل المقاييس..
وبات الدوري السعودي من أكثر الدوريات متابعة بالعالم، وهو ما يؤكد «الدعم» الحكومي العادل للأندية، وهو الأمر الذي يتعمد بعض الجماهير والإعلاميين «النصراويين» تجاهله والإصرار على أن هناك ثمة ظلم على ناديهم محاولين «شيطنة» الهلال وهو النادي النموذجي بكل ما تعنيه الكلمة..
قشعريرة
* في نهائي كأس الملك الذي جمع الهلال بالوحدة، والذي انتصر فيه الهلال بضربات الترجيح، قال المعلق الكبير الاستاذ «فارس عوض» واصفاً الهلال بعبارات جميلة وخالدة : «عجباً لهذا الهلال كيف يجمع بين أن يأتي متأخراً ويكون الأول» وهي عبارة لامست الواقع كثيراً واختار «فارس عوض» عباراته بعناية فائقة..
* وعلى غرار تلك العبارات، وبعد خسارة الهلال للمباراة الدورية في الجولة الأخيرة من الدور الأول من أمام مستضيفه فريق القادسية، علق أحد المغردين الهلاليين المعروفين في إحدى مساحات منصة (X) قائلاً «سقط الهلال متصدراً» في وصف بليغ ودقيق لواقع أكبر أندية قارة آسيا ومحاكياً عقول الجمهور الهلالي بكل صدق دون محاولة «لأدلجة» تلك العقول، بل كان خطابه في منتهى الاحترام..
* التاريخ يسجل بأن الهلال من أفضل فرق كرة القدم في مراضاة ومصالحة جماهيره وأعتقد أن مستقبل الفريق الهلالي، وبعد أن أنهى القسم الأول من الدوري متصدراً و «بطلاً للشتاء» مليء بالمفاجآت السعيدة لجماهيره..
* الهلال قام بإنهاء العلاقة التعاقدية مع الاسطورة البرازيلية «نيمار جونيور» والتي كانت تجربته الاحترافية بالهلال غير موفقة وعاثرة؛ نظراً لتكرار الإصابات وقلة مشاركاته مع الفريق لأسباب فنية وطبية..
* المؤشرات الهلالية تنبئ عن أن هناك عملاً احترافياً كبيراً قادماً وتغييرات واسعة بالخارطة الفنية الهلالية، وذلك على خلفية الاستعدادات الزرقاء لخوض منافسات كأس العالم للأندية 2025 وإكمال المشوار الآسيوي في بطولة «كأس دوري آسيا للنخبة» والذي لايقل أهمية عن البطولة العالمية..