علي حسين (السعلي)
بيشة محافظة جنوبية، مدينة هادئة في ليل الشتاء، منظر سحبها وأنت بالطائرة كأنها بين يديك، ملكة تعدها خاصتك أو من نخبة النخبة، لديك بيشة حلم كل عاشق للتراث يشم عبق الريحان وأنفاس البخور والمعمول البيشاوي معروف بصناعته وترد أهل بيشة به، وأنت بالطائرة تعشق تفاصيل الرحلة ولا يهمك الوصول، نعم عزيزي القارئ ليس ذاك خيالا، بل واقع تفرضه عليك هذه المدينة الصاخبة دون صوت، البارزة حسنا وبهاء دون أن تشاهد مفاتن مدينة بيشة، فكيف إن كنت من سكانها أرضا وأنت بالطائرة مدة رحلتها أقل من ساعة وتقترب منها لكنها بأضواء مدينتها تشعر أنك تدخل أو مدعو لفرح بيشة عروسة يود الجميع أن يخطبها قربا من جمال أرضها وطيبة أهلها الكرام، بيشة الثقافة والفكر والأدب، هذه كانت بغيتي من سفرتي، فالتفاصيل عزيزي القارئ كثيرة فقط لم أكتب سوى المختصر المهم، فما أن تهبط الطائرة أرض الموعد، أقصد حتى تندهش من ذاك الهدوء وأنت بالجو، وكذلك على أرض الواقع بيشة مدينة مختلفة في كل شيء خرجت من بوابتها السماء ملبدة بالغيوم وقمر يضيء الطريق، لا أعلم صراحة هل نحن في آخر الليل ننتظر بزوغ فجر أم في بداية المساء بيشة كأنها تستقبلك فاردة ذراعيها تقول لك:
(أرحب).
تختلط عليك المشاعر لا تعلم وقتها أنت الضيف أم المضيف، دعكم من كل هذا لكن أن يستوقفك رجل أمن كريم وحينما يعرف أن ضيف بيشة يأخذ منك موعدا حتى يقوم بواجبك! بيني وبين نفسي أقول:
لا.. لا، هذا كثير علي يا جماعة!
هذه هي مدينة بيشة أرض الكرم في منطقة العسر من عسير الشاهد من كل هذا بوصلتي مقهى لامير ومعناه قعر الذهب أو بقايا القهوة في آخر فنجانها هنا لا بد من التحدث عن صاحب المقهى في الشريك الأدبي ومدير نشاطه الثقافي عايض بن سالم فكرة في إحدى ليالي رمضان المبارك جلس المثقف عايض وأخوه محمد مع رجال الأعمال الذي جمع بين ثقافتين ثقافة حرف وثقافة مال ويبدو أنه نجح في الاثنتين، راقت له الفكرة وحسبها تجارة وثقافة تبلورت الفكرة حتى أصبحت ناضجة فانطلقوا ثلاثتهم السواط تاجرا وابن سالم مثقفا يحب بيشة ويخدم مثقفيها هنا أصبح للشريك الأدبي مغزى وفعلا انطلقوا بأفكار خارج الصندوق حتى حضرت أنا كسعلي في مقهاهم لامير مقدما ومشاركا ومدربا تفاجأت بأن الحضور كما وكيفا بصراحة بخلاف بعض المقاهي الأدبية بجدة ضيف مهم وحضور ضعيف بينما في هذا المقهى الثقافي ببيشة، اندهشت بالحضور على فكرة سيدات سادة وأطفال يناقشون ويتداخلون استمرت الورشة قرابة الساعتين لا ملل إنصات عجيب مشاركات قيمة من الجميع حتى بعد ما انتهينا ملاحقات من الجميع الكل يريد أن يعزمني عنده فعلا بيشة غير يا الربع
بعدها حضرنا مقهى آخر يفتتح باسم عبق ببيشة قدمت لنا دعوة باسم ثقافية الجزيرة كل المجتمع البيشي هناك يباركون لبعض ويهنئون الصاحب والمسؤول الثقافي بمقهى لامير على الورشة الكتابية التي أقيمت عجيب غريب هؤلاء القوم وأكثر اندهاشا أن الأغلب منهم يتابع ملامح وممالح خاص المثقف عايض وكنت قد كتبت عدة مقالات عن المقاهي الأدبية مع أو ضدها أنا الآن فيبدو أن الشريك الأدبي التابع لهيئة الأدب والنشر والترجمة نجح ومقهى لامير نموذجا لهذا النجاح كما يبدو لي حتى الآن عدد الحضور للورشة بهذا المقهى لامير تجاوز الأربعين شخصا سيدات سادة وأطفال بل والله حتى من ذوي أصحاب الهمم حاضرين وبس والله.
سطر وفاصلة
بيشة إطلالة القمر في ليل الشتاء.
بيشة مدينة الجمال وأسطورة الحسن.
بيشة ملاذ المتعبين من عناق الفراق وقبلة الشعراء وبوصلة العشاق.
بيشة حلم المفكرين أرض ميعاد الحروف تكتب على السطر تبرا ولجينا.
بيشة الثقافة والأدب والفكر والتواصل المعرفي
بيشة عطر الكلمات وأنفاس الحروف وأنغام الأغاني بعود وطيب ومسك وبخور.
بيشة أحبك مدينة واحترمك ثقافة وأنزع القبعة احتراما لأهلها الأوفياء الكرماء.