نجلاء العتيبي
الهوية الوطنية ليست مجرد شعارات أو كلمات ترددها الألسنة؛ هي روح تنبض في وجدان الإنسان، تتجلى في عاداته وتقاليده وسلوكه اليومي، ومن أقوى أدوات ترسيخ هذه الهوية لدى الأجيال الصاعدة، يأتي قرار إلزام الطلاب بارتداء الزي الوطني السعودي في المدارس كخطوة ترسخ الانتماء، وتعزز الفخر بالجذور الثقافية، وتصقل الشخصية الوطنية منذ الصغر.
الملابس ليست مجرد أقمشة ترتدى، هي رموز تعكس تاريخ الأمم وحضاراتها؛ فالزي السعودي يحمل -في طياته - إرثا ممتدا عبر قرون، يربط الأجيال بماضيها، ويجعلها تعيش حاضرها وهي مدركة لقيمها الأصيلة. عندما يرتدي الطالب زيه الوطني فإنه لا يرتدي مجرد ثوب أو شماغ، بل يرتدي هوية تتجسد في تفاصيله؛ ليشعر بأنه جزء من نسيج مجتمع يتشارك فيه الجميع ذات القيم والرموز.
يسهم هذا القرار في تعزيز الانتماء لدى الطلبة؛ إذ يمنحهم شعورا بالتماهي مع هويتهم منذ الصغر.
فالهوية الوطنية ليست مجرد فكرة تلقن في الكتب، إنها تجربة تعاش يوميا.
والزي الموحد يرسخ هذه التجربة؛ فيزيل الفوارق الشكلية التي قد تخلق تباينا في الانتماء، ويجعل الجميع تحت مظلة واحدة؛ حيث يكون الطالب السعودي انعكاسا لهويته في كل زمان ومكان. إلى جانب دوره في تعزيز الهوية يحمل هذا القرار بعدا تربويا، يسهم في تكريس الالتزام والانضباط؛ إذ يغرس في نفوس الطلاب احترام النظام، والالتزام بقواعد المؤسسة التعليمية؛ مما يعزز حس المسؤولية لديهم؛ فحين يتربى الطالب على احترام قواعد قد تبدو للبعض هامشية.. مثل الالتزام بالزي الوطني، ينعكس ذلك على التزامه في مختلف جوانب حياته، سواء داخل المدرسة أو خارجها.
أما على المستوى الاجتماعي فإن توحيد الزي يخلق شعورا بالمساواة بين الطلاب، ويقضي على الفوارق التي قد تصنف الأفراد بناء على ملابسهم؛ فهو يجعل التركيز منصبا على الجوهر لا على المظهر؛ مما يعزز من بيئة تعليمية قائمة على الكفاءة والجهد، بدلا من المظاهر الخارجية.
ولا يمكن إغفال الجانب الثقافي في هذا القرار؛ حيث إنه يعيد تعريف الجيل الصاعد برمزية ملابس أجدادهم، ويمنحهم رابطا بصريا ملموسا مع تاريخهم.
ومع تنامي العولمة وتعدد المؤثرات الخارجية يصبح الزي الوطني حصنا يحمي الملامح الثقافية من الذوبان في تيارات غريبة عن الهوية المحلية؛ فالهوية ليست مجرد فكرة نظرية، بل هي ممارسات يومية تجذر الانتماء، وتصنع جيلا يعتز بجذوره.
وقرار إلزام الطلاب بالزي الوطني ليس مجرد تعديل في أنظمة المدارس، بل خطوة إستراتيجية نحو مستقبل تبنى فيه الأجيال على أساس متين من الفخر والاعتزاز.
هوية تعاش لا تقال، وترتدي لا تدرس فقط.
ضوء
«إنفاذا لتوجيه صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، ولي العهد، رئيس مجلس الوزراء -حفظه الله- بضرورة الاهتمام بقيم التعليم، وتعزيز انتماء الطلاب الوطني، ألزمت وزارة التعليم طلاب المدارس الثانوية الحكومية والأهلية بالتقيد بالزي الوطني (الثوب والغترة أو الشماغ)».
- وكالات الأنباء السعودية. واس -