رسيني الرسيني
في عام 2016م، عند إطلاق حملة التعريف برؤية 2030 كتب الإعلامي المخضرم عبدالرحمن الراشد مقالة بعنوان «الرؤية دعاية أم حقيقة» مقالة بمثابة الرد الحكيم على وصف البعض أن الرؤية ليست إلا عملية تسويق وأنها فقاعة إعلامية لا أكثر. إذ كتب الأستاذ الراشد: «لا أتصور أن أحدًا يعمل في مجال العلاقات يمكن أن ينصح أي سياسي بأن يقدم مشروعًا فيه وعود وتواريخ لمواطنيه من قبيل الدعاية، لأن مشروع الرؤية الموعود فيه تفاصيل والتزامات صريحة»
اليوم وبعد ثمان سنوات يستطيع المتابع قياس مدى الالتزام بمستهدفات الرؤية إما بالتقارير المنشورة أو بالعين المجردة والواقع الذي نعيشه. وهذا ينعكس على جميع محاور الرؤية، ففي المحور الأول «مجتمع حيوي» تحقق عدد من الإنجازات منها ارتفاع المواقع التراثية المدرجة في قائمة التراث العالمي إلى 8 مواقع في عام 2024م مقارنة بأربعة مواقع في عام 2016م. كما تنامى عدد المعتمرين من خارج المملكة من 6.2 مليون في عام 2016م إلى 13.5 مليون معتمر في عام 2023م.
ومن الأمور الملفتة في إنجازات المحور الأول، هو ارتفاع عمر الإنسان من 77 إلى 78.1 عام وفقا لأرقام 2023م، مما يشير إلى الرعاية الصحية المتكاملة التي تتحسن عام بعد عام للمواطنين والمقيمين في المملكة.
كما أدى الاستثمار في البنية التحتية للطرق إلى انخفاض عدد وفيات الحوادث بنسبة تتجاوز 52 % على مدى 6 سنوات. ولم يتوقف هذا المحور عن تقديم الإنجازات، حيث ارتفعت نسبة تملك الأسر السعودية لمنازلهم من 47 % في عام 2016م إلى أكثر من 60 % في عام 2023م.
أما المحور الثاني للرؤية «اقتصاد مزدهر» فقد أنجز كثير من التقدم وتحقق عدد من المستهدفات، منها على سبيل المثال: انخفض معدل البطالة بين المواطنين من 12.3 % في عام 2016م إلى 7.6 % في الربع الأول من عام 2024م. كما ارتفعت نسبة مشاركة المرأة السعودية في سوق العمل من 17 % في الربع الثاني لعام 2016م إلى 35 % في الربع الثاني لعام 2024م، وللمحور برامج تنفيذية لتحقيق الرؤية، من أبرزها برنامج تطوير القطاع المالي، وقد أفردت مقالة سابقة بعنوان «ماذا تحقق من التزامات 2025م؟» أشرت فيها أن جُل المستهدفات تحققت قبل موعدها المحدد.
وللمحور الثالث «وطن طموح» تقدم وإنجازات عززت العمل بشفافية ومسؤولية، وشجعت المجتمع على أخذ زمام المبادرة للنهوض بالوطن، ولعل من أبرز الإنجازات التي تحققت هو رقمنة النظام القضائي بنسبة تتجاوز 86 % من الخدمات القضائية في وزارة العدل، ما يدل على الجهود المبذولة في تعزيز الخدمات الحكومية وتسهيلها للمستفيدين، وهو أمر ملموس في الخدمات الحكومية الأخرى. ومن الإنجازات النبيلة لهذا المحور، هو ارتفاع عدد المتطوعين من 22.9 ألف في عام 2015م إلى مليون متطوع في عام 2024م.
حسنًا، ثم ماذا؟
كل ما ذُكر أعلاه على سبيل المثال وليس الحصر، كما أن كل هذا التقدم والإنجازات تحققت قبل خمس سنوات من 2030م، ولهذا نقول: الرؤية حقيقة نعيش واقعها قبل موعدها المحدد.