مرفت بخاري
كثير منا تربَّى على حب لقط اللحظات الجميلة والاحتفاظ بالصور على مر الأزمنة، فكل واحد منا يرى تلك الصور بفلسفته الخاصة، منهم من يراها تخليداً لحقبة زمنية تثبت فيها عبقريته وإصراره واجتهاده، فيستند إليها كدليل لسهر الليالي وامتلاكه للعلا الذي يحب، ومنهم من يرى أنها تخليدٌ لتاريخه وجذوره، وتجد صوره تشمل كبار السن أحبته الكرام، كلما عاد به الزمن ليتصفح ألبومه يجد دمعة حانية تزاحم النظر حنيناً لزمنه الجميل، ومنهم من يحتفظ بتلك الصور انتقاماً لها بتغير الواقع عنها مئة وثمانين درجة؛ لأنه يراها المعنى الحقيقي للماضي السام الذي ساهم بتسميم مشاعره وذكرياته ولم يجده منصفاً، فقام بتغييره بكل ما أوتي من قوة سواء بانتقال أو بابتعاد، لكنه لايزال يحمل ذاك الوجع في كتفيه كلما تصفح تلك الصور التي دائماً وأبداً يحتفظ بها في أمكنة لا ترى ضوء الشمس فقط تخليداً للوجع.
تعددت الأسباب والهدف واحد كاميرا باليد وصورة تلتقط، اختلفت الآن سهولة التقاط الصور أصبحت في يد المدرك وغير المدرك، أصبحت تخليداً وتشويهاً، أصبحت حباً وكرهاً، أصبحت لا قيمة لها ولا يتم حتى تخليدها بطباعة، فالأغلب يُحتفظ بها كصور رقمية في جهازه الرقمي، فترقمت المشاعر وتجبرت الشعور، وغدونا نسلط أعيننا على نتائج إبر الفيلر والبوتكس ومن هو الطبيب الذي أحسن حقنها وأظهرها بالصورة بشكل رائع، مرعب التحول ومشوق التعايش، لاشك أننا نسعى دائماً أمام هذا الزخم العظيم لأن نكون موجودين في الصورة وبهذا الفنجان شعرت بأنني أريد أن أخلد رجائي للجميع، جاهِد لكي تصنع أثراً يخلد لنا ولتاريخنا أجمل الصور.