سارا القرني
لفت نظري ما كتبه أحد المثقفين، عندما قال «الوجه الحسن لا يكفي لكتابة مقال»، وأضيف إلى قوله.. إن العلاقات لا تصنع الخبرة والمعرفة، ولكننا ابتُلينا بهذا حيث أصبح الجمال والعلاقات يفرضان سطوتهما في جميع المجالات إلا من رحم ربي، لقد بات ما تعلمناه في الصغر هباء منثوراً أمام ما نراه، فمن جَدّ وجد.. لكنه لم يجد إلا واقعاً مفروضاً عليه أن يتقبله أو يجعله يتنازل عن مبدأ واثنين كي يجد جزءاً مما يحلم به، ومن زرع حصد.. وهو لم يحصد إلا صدمة يستفيق منها بعد فوات العمر، فيلوي عنق الطريق إلى الخلف ليبدأ في تكوين علاقات تكون سُلّماً؛ ليحصد ما تبقى من أحلام تناثرت مع شهادةٍ سهر الليالي كي ينالها، فيلتقط الحلم ويمضي كالسابقين بلا هوية ويحاول قدر المستطاع أن يحصد علاقات تكفيه ليقف بثبات أو يصنع منهم سُلّمَ نجاح، ولكن السؤال.. هل هذا الشخص ما زال داخله ذلك الإنسان المثقف المجتهد؟ أم أنّ هذا اندثر مع الوقت.. وبدأ يطبق ما طبقه معه الآخرون؟ حين يصنع من الحمقى مشاهير لأنهم يمتلكون الجمال والعلاقات، أم أن هذه الأفكار لم تترسخ في عقله لأنها لن تصنع إلا المزيد من هذه الفئة التي لا تنظر إلى الشهادة والمعرفة والخبرة بأنها مقياس حقيقي لبناء الحضارات، ولا أقول هذا كي أقلل من شأن بعض الأشخاص.. فهناك من يمتلك الجمال والثقافة في آن واحد ولكنه يفتقر إلى العلاقات التي ترفعه إلى الأعلى ليقتدي به الآخرون وبما يكتبه أو يقدمه - بمعيار حقيقي - لبناء العقول السليمة، هؤلاء حتى الجمال قد لا يسعفهم، فيصبح المشعل الذي يحمله خافتاً تكاد لا تراه الأعين!
للأسف الشديد.. أنت كي تصل لا تحمل بيدك شهادة بل علاقات، ولا تملأ عقلك ببعض المعرفة والخبرات، بل يكفي أن تكون صاحب وجه حسن لتفرض نفسك على مثقفين أصحاب شهادات وخبرات!
ومن هذا المنبر.. أضم صوتي لصوته وأقول «الجمال لا يصنع مقالاً ولكنه يصنع أحمقَ يكتب مقالاً، والعلاقات لا تصنع شخصاً مسؤولاً مدركاً ينهض بالحضارات ولكنها تصنع متهوراً يلتقط كل ما يسقط على الأرض ويكرر أفكاره ودورته في الأجيال القادمة»؛ لذلك أتمنى أن يكون هذا المقال بمثابة صرخة تصل للآذان، فنحن نقول لهم كفى عبثاً بمستقبل كل مجتهد يحمل شهادة، وكفى هراءً أن تفرضوا علينا أحمقَ لمجرد أنه مشهور يحمل علاقات، أو وسيم/ـة يملك وجهاً حسناً، أما آن لكم التوقف عن التقاط كل ما يسقط على الأرض وتلميعه، فما تلمعونه لن يُخفي الحقيقية ولن يبني جيلاً واعياً، وبريقه الزائف لن يزيح الحقيقة المُرَّة.. لأنه في النهاية أحمق لا يمتلك ثقافة أو معرفة، ووهجهُ المزعوم يخدعُ الذينَ ينظرون للمستقبل بمنظار مختلفٍ لا يعتمد على علاقة أو ملامح جذابة أو ثرثرة غبية، قد تكون نظرتهم بالنسبة لكم ضبابية، ولكن أنتم من أغمض أعينكم عن الحقيقة.. لذلك لا ترونها بوضوح، ولكن ما زال لدينا أمل أن ينقشع الضباب وتُبصرُ الأعين ويرى الجميع ما نراه، ويوضع كل شخص في مكانه المناسب، دون الحاجة إلى بناء علاقات أو تنازلٍ عن مبدأ مقابل طمس هويته الحقيقية!.