محمد بن علي بن عبدالله المسلم
مقدمة: اقتصاد المملكة اقتصاد حر (إسلامي) وضع أسسه الثابتة مؤسس هذا الوطن الغالي -رحمه الله-، هدف الاقتصاد السعودي محاربة الفقر والجهل والمرض (تنمية المواطن، تعليمه وصحته) ونفذ أبناء عبدالعزيز هذه المبادئ التي أدت إلى خلق اقتصاد قوي وعالمي: اقتصادياً واجتماعياً وعلمياً.
فبعد توحيد الوطن وتوطيد الأمن والاستقرار بدأت الحكومة في تنفيذ أسس التنمية رغم محدودية الموارد وقلتها، واقتصاد بدائي ومجتمع قروي وأوضاع معيشية محدودة جداً، فقد كان مجتمعاً يعيش على الكفاف.. هذا كان الوضع إلى بداية (العام) 1945 حيث كان دخل الدولة نحو ملايين من الدولارات فقط، وليرتفع إلى نحو 85 مليون دولار في العام 1949 ليكون ذلك نقطة تحول في الاقتصاد السعودي.
هذه الوفرة المالية أدت إلى إعداد أول ميزانية للمملكة عام 1949م.
وبالتالي نظراً لزيادة الإيرادات المالية وتعدد الاحتياجات للوطن المترامي الأطراف جعل الحكومة تعد خطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية للمملكة، وأنشأت لذلك المجلس الأعلى للتخطيط عام 1961م والتي حولت إلى الهيئة المركزية للتخطيط عام 1965م، ومن ثم حولت الهيئة إلى وزارة للتخطيط لعام 1975م.
بدأ التخطيط الاقتصادي بالمملكة بإعداد أول خطة اقتصادية اجتماعية وتنموية عام 1971 - 1970 بعد زيادة العائدات النفطية (نسبياً) كما ذكرنا سابقاً وذلك بالتركيز على تحقيق أهداف محاربة الفقر والجهل والمرض وفي جميع المناطق، وكذلك الصرف على الحرمين الشريفين والمشاعر المقدسة لخدمة الحجاج والمعتمرين وتقديم التسهيلات اللازمة لهم مثل مشاريع البنية الأساسية مثل الطرق والأمن وتوسعة الحرمين الشريفين.
ونتيجة التخطيط السليم والقيادة الحكيمة حققت المملكة بحمد الله قفزات تنموية وفي شتى المجالات، وأصبحت المملكة دولة غنية لا بأموالها وحسن استخدامها وإنما برجالها أيضاً، ووصلت المملكة إلى العالمية في شتى المجالات الاجتماعية والاقتصادية والصحية والتعليمية بل والتقنية وأصبح للمملكة دور دولي في المنظمات الدولية وعضواً في مجموعة العشرين وبمركز متقدم في المجموعة.
ولتحقيق هذه المنجزات أصدرت المملكة الأنظمة اللازمة لتحقيق أهدافها مثل نظام الحكم، نظام المناطق، نظام حماية وتشجيع الصناعة الوطنية عام 1381هـ، وكذلك نظام الاستثمار الأجنبي الأول عام 1376هـ ليعدل عام 1383 هـ بحوافز للمستثمرين الأجانب لجذب التقنية ومشاريع التنمية، أعقبه نظام ثالث للاستثمار الأجنبي تحت مظلة وزارة الصناعة والكهرباء عام 1399هـ ليستمر العمل به نحو 22 عاما ليصدر نظام آخر وبإنشاء الهيئة العامة للاستثمار وبحوافز جديدة والذي أعقبه النظام الجديد 2025 والذي أصدرته وزارة الاستثمار (التي حلت محل الهيئة العامة للاستثمار).
تلك الأنظمة لجذب الاستثمارات الأجنبية وضعت حسب حاجة المملكة في وقتها لرأس المال، والمشاريع التنموية والتقنية وتوطنيها، وتشغيل أيدي وطنية ماهرة (صناعة البترول والبتروكيماويات) ولقد نجحت المملكة في كل ذلك.
ويجب ألا ننسى قبل الانتقال إلى نظام الاستثمار 2025 ما حققته الأنظمة السابقة لنظام الاستثمار الأجنبي ومساهمتها في مشاريع التنمية الاقتصادية، وكذلك نظام حماية وتشجيع الصناعات الوطنية الصادرة قبل نحو 60 عاماً (وما زال) في التنمية الصناعية بالمملكة وما صدر في السبعينيات من أنظمة ومؤسسات تنمية أخرى كالصندوق الصناعي وتأسيس صناعة البتروكيماويات على أحدث التقنيات، حتى أصبحنا ننافس الدولة المتقدمة في مجال الصناعات البتروكيماوية، كما أن تسعيرة الغاز (اللقيم) بـ 75 سنت أمريكي (والذي كان يحرق في الهواء) ميزة نسبية تنافسية.
لقد بدأ سريان نظام الاستثمار الجديد بداية هذا العام 2025 ليتماشى مع الوضع الدولي والمحلي ورؤية 2030 والتي تهدف إلى:
1- اقتصاد مزدهر وبيئة عمل داعمة للشركات الصغيرة والمتوسطة والكبيرة، والاستثمار في التعليم لتقديم وظائف المستقبل.
2- وطن طموح يلتزم بالكفاءة والمسؤولية وتديره حكومة فاعلة عالية الأداء تتسم بالشفافية وتخضع للمساءلة على جميع المستويات.
وتعتبر الرؤية خارطة طريق للمملكة حتى العام 2030 -وبحمد الله- لقد حققت المملكة معظم أهداف الرؤية (حتى الآن) وقبل العام 2030.
لقد بدأت الرؤية بتقديم والبدء بإنشاء العديد من المشاريع الضخمة مثل مشروع: نيوم، البحر الأحمر، الطاقة المتجددة، الرياض الحضرية، قطار الحرمين، قطار الرياض (بدأ تشغيله) والقدية إلى العديد من المبادرات مثل تشجيع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والمبادرة الصناعية والتعدين وإنشاء هيئة المحتوى المحلي.
لقد صدر قرار مهم عام 2021 بنقل مقار الشركات التي تعمل (أو ستعمل) بالمملكة إلى الرياض وذلك لجذب الاستثمارات الأجنبية إلى المملكة وكان المستهدف 500 شركة عالمية -وبحمد الله- وصل العدد إلى 517 شركة حتى الآن.
لقد ساوى نظام الاستثمار الأجنبي (الجديد) بين المستثمر المحلي والأجنبي ليضيف إليه ميزات لا تتوافر في العديد من الدول، كما ارتفع تصنيف المملكة إلى المرتبة الـ 16 من بين 67 دولة هي الأكثر تنافسية في العالم.
كما انخفضت مستوى البطالة إلى مستوى قياسي بحدود 7 % بعد أن كانت بحدود 11 % وكذلك تعديل العديد من الأنظمة المتعلقة بالموارد البشرية.
والله الموفق.