سطام بن عبدالله آل سعد
لا تزال الأكاديميات الرياضية في السعودية تعتمد على نموذج تقليدي يركز على اكتشاف المواهب، بينما تحولت الأندية العالمية إلى صناعة اللاعبين، حيث لم يعد يكفي أن يكون اللاعب موهوبًا، بل يجب أن يكون معدًا فنياً وقادرًا على التأقلم مع أي مدرسة كروية.
التصنيع الرياضي
كرة القدم الحديثة لا تبحث عن الفردية، بل أصبحت قائمة على التصنيع الرياضي، إذ باتت أوروبا، التي كانت تعتمد سابقًا على استيراد المواهب البرازيلية، تُخرّج لاعبين متكاملين داخل أكاديمياتها، مما أدى إلى تلاشي فكرة النجم الأوحد وتحول الفرق إلى منظومات تكتيكية قادرة على تنفيذ استراتيجيات معقدة؛ فاللاعب الذي يريد أن يفرض نفسه في المستويات العالية من المنافسة يحتاج إلى أن يكون متكاملاً، وليس مجرد موهبة فردية.
غياب المنهجية
تعاني الأكاديميات المحلية من افتقارها إلى منهجية واضحة في تطوير اللاعبين، فلا تزال تعتمد على اكتشاف المواهب دون تحويلها إلى أدوات فنية، فهي تركز على المهارات الفردية دون تعزيز الجوانب الذهنية والاستيعاب التكتيكي، مما يجعل اللاعبين غير مؤهلين للاندماج في كرة القدم الحديثة، ويدفع المدربين إلى استقطاب محترفين تم إعدادهم وفق معايير متطورة.
خط إنتاج اللاعبين
تتبنى الأندية الكبرى نظام (خط الإنتاج الرياضي) الذي يبدأ منذ الناشئين، حيث يخضع اللاعب لبرنامج تطوير فني وبدني مدروس، تمامًا كما يتم تصنيع المنتجات وفق معايير دقيقة، ويتم تحديد احتياجات الفريق المستقبلية، ثم تصنيف اللاعبين وتطويرهم وفق خطط تضمن تكيفهم مع أساليب لعب متعددة، فيتعلمون التحرك بدون كرة، واتخاذ القرارات السريعة، والتكيف مع الخطط المختلفة، ليصلوا إلى الفريق الأول ليس بموهبتهم فقط، بل بقدرتهم على شغل أدوار متعددة، مما يمنح الفرق مرونة تكتيكية واستقرارًا فنيًا.
متعدد الأدوار
في أوروبا، لم تعد الأندية تستهدف المواهب الخام، بل تصنع لاعبين قادرين على خدمة أي منظومة كروية، كما هو الحال مع كيفن دي بروين وجوشوا كيميش، الذين يتم إعدادهم وفق برامج تطوير ممنهجة تهدف إلى صناعة لاعب متعدد الأدوار. هذا النموذج يجب أن يكون الأساس في الأكاديميات السعودية، عبر تعليم الناشئين أسس التفكير التكتيكي، وتطويرهم ليكونوا عناصر مؤثرة في المنظومة الجماعية، مع التخلي عن الأساليب العشوائية في اكتشاف المواهب.
التغيير ضرورة وليس خيارًا
إذا لم تستوعب الأندية السعودية هذا التحول فستظل تعاني من نقص اللاعبين الفاعلين، وستبقى كرة القدم المحلية بعيدة عن معايير الاحتراف الحقيقي. فالموهبة وحدها لا تكفي، والعشوائية لا تصنع أبطالًا، ومن لا يفهم قواعد اللعبة الجديدة، لن يجد مكانًا فيها.