صيغة الشمري
في العديد من اللقاءات والفعاليات المهمة، أصبح من الشائع أن تُوجّه الدعوات بناءً على الشهرة أو العلاقات الشخصية، بدلًا من الكفاءة والتخصص.
هذه الظاهرة لا تقتصر على حدث بعينه، بل تعكس مشكلة أوسع تؤثر على جودة النقاشات وفعالية اللقاءات، حيث يُستبعد المختصون لصالح شخصيات بارزة اجتماعيًا أو إعلاميًا دون أن يكون لهم إلمام حقيقي بالموضوع المطروح.
عندما يتم إقصاء أصحاب الخبرة لصالح غير المختصين، تصبح اللقاءات أشبه بالاستعراضات الإعلامية بدلًا من أن تكون منصات لصنع القرار وتبادل الأفكار الجادة. فبدلًا من أن تدور النقاشات حول قضايا جوهرية تستند إلى معلومات دقيقة ورؤى متخصصة، تتحول إلى حوارات سطحية تفتقر إلى العمق والفائدة. هذه العشوائية لا تؤثر فقط على مخرجات اللقاء، بل تربك المهتمين الذين يبحثون عن إجابة لتساؤلات حقيقية، ليجدوا أنفسهم أمام مخرجات لا تمت للموضوع بصلة.
إحدى أبرز مشكلات هذه الظاهرة هي «المحاباة في الدعوات»، حيث يتم اختيار الحاضرين بناءً على العلاقات الشخصية والمجاملات، وليس على أساس معرفتهم بالقضية المطروحة. هذا الأمر يُضعف مستوى النقاشات، ويجعل الفعاليات بيئة غير منتجة، إذ يصبح الهدف من بعض الدعوات مجرد استعراض للأسماء البارزة بدلًا من تحقيق قيمة حقيقية للحوار.
كما أن استبدال المختصين بغير المؤهلين يؤثر بشكل مباشر على القرارات الناتجة عن هذه اللقاءات، حيث يغيب التحليل العميق والمعلومات الدقيقة، مما يؤدي إلى توصيات غير مدروسة. أما في اللقاءات الإعلامية، فإن طرح أسئلة غير ذات صلة يشتت الانتباه ويضعف جودة الحوار، مما ينعكس سلبًا على الجمهور الذي يبحث عن إجابات واضحة وموثوقة.
لا يقتصر تأثير هذه الظاهرة على جودة الفعاليات فقط، بل يمتد ليؤثر على وعي المجتمع ككل.
عندما يتم الترويج لأشخاص يفتقرون للخبرة بوصفهم مصادر موثوقة، تتشكل لدى الجمهور تصورات مغلوطة عن القضايا المطروحة. في المقابل، يعاني المختصون من التهميش، ما يقلل من تأثيرهم في صناعة القرار وفي توجيه الرأي العام استنادًا إلى المعرفة الحقيقية.
من الضروري أن يكون هناك وعي بأهمية اختيار المتحدثين والمشاركين بناءً على الكفاءة والتخصص، لا بناءً على الشعبية أو العلاقات الشخصية. فالمنصات التي يُفترض أن تكون أماكن لنقاشات جادة، يجب أن تبقى كذلك، دون أن تتحول إلى ساحات للجدل العقيم والاستعراض الإعلامي. إن تحسين معايير اختيار المشاركين يمكن أن يسهم في رفع مستوى النقاشات، ما يؤدي إلى مخرجات أكثر فائدة وتأثيرًا، تعود بالنفع على المجتمع وصناع القرار على حد سواء.