د.عبدالحفيظ عبدالرحيم محبوب
تمارس الهوايات ليس فقط من أجل المتعة والاسترخاء، بل وفي تحسين المزاج العام والصحة النفسية، وهناك ثمة دوافع قد تقود إلى الهوايات من وجهة نظر علوم النفس والاجتماع، منها المصالح الشخصية إذ ينجذب الأفراد إلى الأنشطة التي تشبع أذواقهم وعواطفهم وفضولهم، كذلك يمكن أن تشكل الخلفية الثقافية الهوايات، والتمتع بحياة أكثر إيجابية، وتصقل المواهب وتؤدي إلى اكتساب مهارات ومعرفة كبيرة، وتعلم أمور جديدة، يمكن للشخص التوجه لشغفه أو ما يحب القيام به والتعلم حول هذه الهواية والتعرف على المزيد يقود إلى صقل هواياته ومهاراته وقد تتحول إلى موهبة ينافس بها، ولا يقصد بممارسة الهوايات تحقيق الأجر وإنما المتعة والتسلية، أو الممارسة بصورة احترافية، ومتوسط إنفاق الشخص العادي 98 دولاراً على هوايته المفضلة كل شهر في الدول المتقدمة، ويعد صنع الموسيقى هواية باهظة التكلفة، حيث يبلغ متوسط الإنفاق 174 دولاراً شهرياً.
حتى أصبحت الهواية نشاطا يمارس بانتظام وعادة لغرض يستحق العناء، كما في الهوايات النادرة كالبحث عن الكنوز، وتسلق القمم والمنحدرات، وهناك هوايات غريبة قد تكون ممارستها مؤذية أو مزعجة أو منفرة بالنسبة إلى الكثيرين ولكنها في النهاية تجلب المتعة لأصحابها، ولا تعد أمراضا نفسية كما يعتقد بعضهم بل قد تكون وسيلة للتعبير عن الذات والتفرد والتميز عن الآخرين، والخروج عن المألوف والتجريب في الحياة، بل تبرز في مجتمعات تحتضن التفكير الإبداعي، ويمكن أن تخفي وراءها مواهب أخرى، وإن كان أبرز الهوايات في العالم هي القراءة والرياضة والبستنة، ووفق استطلاع في أمريكا جاءت موهبة الطبخ في المرتبة الثالثة في الولايات المتحدة بعد القراءة وألعاب الفيديو، والكثيرون يفضلون هواية التصوير الفوتوغرافي، والفنون والحرف اليدوية، والموسيقى، وألعاب الفيديو، بالإضافة إلى هوايات أخرى متنوعة ومتعددة لا حصر لها.
اهتم الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين ممارسة الهوايات، فقد قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه (علموا أولادكم السباحة والرماية وركوب الخيل)، وممارسة الهوايات الرياضية تعطي لياقة جسمانية وقواما ورشاقة وتمنح الصحة.
وفي إطار النهضة الشاملة التي تشملها السعودية انطلاقا من رؤية المملكة 2030 أولت القيادة الرشيدة الارتقاء بجودة حياة أفراد المجتمع أهمية كبيرة، وخصصت لذلك برنامجا مستقلا عن الرؤية، هو برنامج جودة الحياة من أجل تحفيز حيوية المجتمع، وتوفير خيارات أكثر تعزز أنماط الحياة الإيجابية، من خلال قطاع الهوايات يرتبط بكافة شرائح المجتمع وأفراده عبر البوابة الوطنية للهويات هاوي في أكتوبر 2022، تطبيقا للاستراتيجية الوطنية لقطاع الهوايات، ومرتكزات رؤية المملكة 2030، وبمشاركة 12 جهة حكومية، هي وزارة الثقافة، وزارة الرياضة، الهيئة العامة للترفيه، وزارة التعليم، وزارة الشؤون البلدية والقروية، وزارة الداخلية ورئاسة أمن الدولة، وزارة الإعلام، الهيئة العامة للإعلام المرئي والمسموع، وزارة البيئة والمياه والزراعة، الهيئة العامة للطيران المدني.
تتيح منصة لكل أصحاب الهوايات فرصة التعبير عن أنفسهم بحرية، جمعت هواة تسلق الجبال وعازفي الآلات الموسيقية، ومحبي لعبة البادل للهروب من الروتين وصخب الحياة.
ويتطلع البرنامج أن تكون السعودية في طليعة الدول من حيث عدد اندية الهواة المتنوعة المسجلة إلى 6000 ناد في 2030 لتكون نموذجا بما يعزز هذه التجربة عربيا وإقليميا لتكون السعودية رائدا من أجل بناء مجتمع حيوي وملهم، ورفع مساهمته في إجمالي الناتج المحلي.
وتفعيلا لدور المجتمع والتعليم والإعلام لاستكشاف وممارسة الهوايات المتنوعة عزز البرنامج ثقافة الهوايات كأسلوب حياة للفرد والمجتمع، بإقامة أكثر من 35 معرضا في 11 مدينة، وبحضور تجاوز 400 ألف زائر، وإطلاق الحملات التوعوية حول الهوايات عبر منصة هاوي في مختلف وسائل التواصل، وإضافة خدمة دورا تدريبية وإطلاق 80 دورة من أصل 250 دورة تدريبية مستهدفة لتطوير فرص وتنويع الترفيه، بجانب تأسيس 873 ناد تنشط في 214 مجال إبداعي والفاعليات تتجاوز الألف، تتصدر الرياض مدن السعودية في إقامة أندية بنحو 80 ترخيصا.
ولم تتأخر الجامعات عن المشاركة كجامعة الملك سعود، وجامعة الأميرة نورة بنت عبد الرحمن، وجامعة فهد بن سلطان، وجامعة الأمير سلطان على تأسيس 10 أندية للهواة داخل أسوارها، والإشراف على هذه الأندية من خلال منصة هاوي، بجانب توقيع 22 اتفاقية مع القطاع الحكومي والخاص غير الربحي لدعم وتنمية الهوايات، وتوفير الموارد اللازمة للتعريف بها وتمكين ممارستها.