علي الخزيم
= يُروَى أن الرجل الذي تعَمَدَّ البَول - أعزكم الله - داخل بئر زمزم على مرأى من ضيوف الرحمن بزمن الصحابة - رضي الله عنهم -: قد بَرَّر فِعلته الشنيعة بأنه أراد الشهرة ليس إلَّا؛ كونه لم يُحرِز ما يؤهله للشهرة بين قومه! وهذا ما يبدو أنه الشعور ذاته عند مَن أطلق إشاعة يُحمّل بها الزنجبيل مسؤولية الجلطات الدموية التي تصيب مَن يتناولون هذه المادة المحببة، كما يُحِيل أسباب جُملة من الأمراض إلى المادة ذاتها؛ وواصفًا من يتعاطون الزنجبيل يوميًا بأنهم جهلة غافلون يُلقُون بأنفسهم للتهلكة!
= من خلال المتابعة عبر وسائل التواصل الاجتماعي لصدى إطلاق تلك الإشاعة لم تكن ردود الأفعال لدى عامة المجتمع مهتمة كثيرًا بالأمر؛ ذلكم أن الجمهور قد اعتاد على مثل ذلك وأكثر ولم تَعُد تستفزه مثل هذه المحاولات الهادفة لتحقيق مآرب يُخَطط لها كل من أطلقها بحسب مقاصده ونواياه ولكل منهم شأن بهذا الاتجاه، ومع مرور الزمن تتكشف للناس كثيرًا من توجهات مثل أولئك الباحثين عن الشهرة بأي طريقة وإن كانت غير مهذبة.
= وحين انبَرى كثير من خبراء التغذية والطب البديل وعلماء المسرطنات والأوبئة - مشكورين - لتفنيد أقوال المُدَّعي صاحب إشاعة الزنجبيل وتسفيه أقواله؛ ازداد يقين القوم ومتابعي وسائل التواصل الاجتماعي بأنه ما زال بيننا من لا يدرك مدى قدر وقيمة الوعي ومستوياته بين المواطنين، فكان قياسه خاطئًا حين أراد مخادعة بعض البسطاء لجذبهم لتلقي مشورته وجَني الأرباح منهم بتغفيل و(تغليف) عقولهم عن هدفه الانتهازي.
= كما أحسَنَت الجهة المختصة بوزارة الصحة السعودية حينما استدعت مُروّج الإشاعة رسميًا وإحالته للتحقيق؛ علاوة على أنه لا يملك ترخيصًا لمزاولة مهنة الطب ولا الطب البديل، كما أن هيئة الغذاء والدواء السعودية قد سارعت لتبيان عدم صحة ما جاء بالمقطع المرئي المتضمن لمزاعم (أن الزنجبيل يسبب الجلطات الدموية والشلل لدى كبار السن، ويزيد من خطر الإصابة بالتهاب المفاصل الروماتويدي)، وهو ما يبرهن بجلاء على حرص الجهات والمؤسسات الصحية والغذائية ببلادنا - حفظها الله - على تحقيق أعلى مستويات الرعاية للمواطن والمقيم.
= ومن اللافت بالحياة العامة وبمسارات متعددة ظهور من لا يأبه بمشاعر وعقول الآخرين مِمَّن يستمعون لما يطلقه من إشاعات بل وأكاذيب متكررة؛ ومَن يروج لقصص وروايات تربك وتشوه المفاهيم لدى العامة، ومن فتاوى وأقاويل بالمسائل الشرعية بكل موسم رمضاني أو أيام الحج والأضاحي ونحوها وكأنهم مُوكَلُون بالآخرين دون تكليف شرعي يؤهلهم لذلك الشأن، ومرد صنيعهم ذاك غالبه البحث عن الشهرة أو الاجتهاد والحرص الأعمى دون سند من علم وفقه بالموضوع.
= الباحثون عن الأضواء والشهرة الزائفة يتكاثرون ويتنافسون وبمجالات متشعبة؛ فذاك رياضي كروي يزعم أنه الفَذ الأوحد بالنقد، وذاك مُحلل يَدَّعي أنه الفقيه الجَهبَذ بالسياسة والاقتصاد وغيرهم كثير، فالمأمول من جهات الاختصاص النظر بشأنهم والحد من تكاثرهم وتشويههم للواقع الحضاري الذي تعيشه مملكتنا الحبيبة - حرسها الله سبحانه - وسَن قوانين أكثر صرامة لمحاسبة كل مُدَّعٍ و(مُهايِط) يبحث عن شهرة مزعومة.