رمضان جريدي العنزي
الإنسان السوي لا يحب (المناقرة) أو التسلي بالصراعات والعداوات والحروب الكلامية، ولا يشحن نفسه بالكره والبغض والهجوم دون الدفاع الحسن، أو يميل إلى التصريحات والخطابات النارية والاتهامات المباشرة غير المبررة، أو أن يكون (شراني) أو (فلتان) أو (ملقوف) أو (دفش) ولا يعمل بطرق ملتوية وغير سوية، ولا يكون له وجهان وجه في الصباح ووجه آخر في المساء، الإنسان السوي يملك كنزاً من الأخلاق والمبادئ الحسنة واحترام الآخرين وحقوقهم أياً كانت أشكالهم أو ألوانهم أو أحجامهم أو انتماءاتهم أو مشاربهم الثقافية أو مواقعهم الاجتماعية، الإنسان السوي يغضّ الطرف بعيداً، ويبتعد كثيراً عن (الهمز) و(اللمز) و(الغمز) ويبتعد عن الكذب والبهت والنفاق والرياء والتجريح والتزوير وقلب معدّلات الحقائق ومحاولة الوصول للأهداف والمقاصد عن طريق لفظ الآخرين ورميهم جزافاً وعدواناً ظلماً وجبروتاً، الإنسان السوي لا يحاول الخلط بين (الفنتازيا) والواقع، ولا يملك ثقافة الاستعلاء وحب الفوقية والتعالي والخيلاء والعنصرية والحقد والبغض والتصنيفات الاجتماعية الطبقية البائدة والنتنة، ولا ينعت الآخرين بألقاب وأسماء غير صالحة كأن يطلق عليهم صفات منافية للواقع وبعيدة عنه، الإنسان السوي يلبس ما يناسبه ويروق له، لا ما يناسب غيره ويروق لهم، ويبتعد كثيراً عن تصنيف الناس إلى تيارات وفئات، وإلى أحزاب وطوائف وجماعات، الإنسان السوي يؤمن بيقين تام أن ثوباً (مقلماً) يرتديه الإنسان على (سروال) صيني وينتعل (زنوبة) بلاستيكية صناعة هندية، قد يكون أفضل تفكيراً وفهماً وحيوية وأوسع إدراكاً وثقافة وأرق شعوراً من إنسان يرتدي أفضل الأقمشة اليابانية، ويمتلك أفخم الماركات الألمانية والفرنسية والإيطالية، ويقتني أجمل الأقلام، وأثمن المركبات، ويدهن وجهه في كل وقت وحين بكريم (سان لوران) بحبيباته الكرستالية المصنوعة بعناية فائقة، ويلبس أجمل (المشالح) ويتعطر بأفخم عطور (دهن العود)، الإنسان السوي، لا يشبه الأسماك التي تحاول الخروج من الماء احتجاجاً على الصيادين وتقرر القفز إلى اليابسة والعيش فيها، لكنها لن تعيش كما كانت تتمنى وتريد، الإنسان السوي يعيش الحياة الهادئة المتزنة والمتوازنة والطبيعية، الإنسان السوي، يكره تماماَ (البرطمة) و(التكشير) و(العيون الحمراء) و(التبختر) و(الخيلاء) و(الزهو) ويلفظ مواجهة الفكر المضاد بفكر متطرف يشبه المدحلة، إن اإنسان السوي قادر على إدراك الحقائق، ويدرك جيداً أنّ الوعي بكل تنوّعاته يجب أن يسود، ويجب أن يكون حاضراً، ولا يتركه يتراجع أو يتداعى أمام الشعارات البغيضة الفارغة، إن الإنسان السوي، يواجه بثقة ثقافة النبز والهمز واللهمز ورمي الآخرين بالحجارة وتكعيبهم وتحجيمهم، والوقوف بحسم ضد ترويج ثقافة الهدم والتقهقر والعنصرية البغيضة وتصنيف الناس ووضعهم في خانات ومكعبات يصنعونها لهم خصيصاً من قِبل أصحاب الأمزجة والأهواء والغايات والمرادات والأهداف المريضة بطرق مباشرة وغير مباشرة والمفعمة بالرماد.