علي حسن حسون
في الأشهر القليلة الماضية، شهدنا تزايداً ملحوظاً في عدد الدراجات النارية المستخدمة في توصيل الطلبات، ما يُعرف بـ «التوصيل السريع» أو «التوصيل الساخن». هذا التزايد بات يشكل أزمة واضحة تؤثر بشكل كبير على حركة المرور، حيث لم يعد الأمر مقتصراً على فترات زمنية معينة بل أصبح مستمراً على مدار اليوم. وقد أسفر هذا النمو غير المسبوق في عدد الدراجات النارية عن ارتفاع ملحوظ في عدد الحوادث المرورية، وهو ما يشكل الخطر الأكبر الذي يهدد حياة العاملين في تطبيقات التوصيل السريع.
إنني لا أبالغ إذا قلت: إننا نشهد يومياً العديد من الحوادث التي يكون طرفها الثابت هو عامل التوصيل الذي يسعى لإيصال الطلبات بأسرع وقت ممكن، مما يعرضه لمخاطر جمة. فهناك العديد من الوجبات الغذائية التي لم تصل إلى وجهتها بسبب ما تعرضت له من تلف وتبديد أثناء عملية التوصيل، ناهيك عن السلع الاستهلاكية التي تُبعثر على الأرصفة بسبب الحوادث المرورية.
هذا الواقع لم يعد مجرد مشكلة بسيطة بل أصبح يشكل تهديداً حقيقياً لحياة العاملين في القطاع ويعيق بشكل كبير حركة المرور.
لقد أصبح الأمر أكثر من مجرد تحد لوجستي، بل هو خطر يهدد حياة الإنسان ويؤثر على الأمن المروري في المدن. في هذا السياق، يجب أن نبحث عن حلول سريعة وفعالة لتقليل الأضرار وحماية العاملين والمستهلكين على حد سواء.
ومن جانب آخر، تشير الإحصائيات التي نشرتها وزارة النقل مؤخراً عبر موقعها الرسمي إلى وجود حوالي 56 تطبيقاً مخصصاً لتوصيل الطلبات، وهذا العدد الكبير من التطبيقات يعكس الأعداد الكبيرة من سائقي الدراجات النارية الذين باتوا يشكلون عبئاً واضحاً على حركة المرور.
فالدراجات النارية لا تتوفر لها مسارات مخصصة، ولا توجد أوقات محددة للعمل بها، بل تستمر في التنقل طوال اليوم، مما يجعلها تؤثر على حركة السير بشكل كبير.
ومع أن هذه الخدمة تمثل فائدة اقتصادية كبيرة للمحال التجارية، وتساهم في تحسين الخدمات اللوجستية بشكل إيجابي، فإن ما يجب أن نركز عليه هو كيفية الحفاظ على سلامة العاملين في هذا القطاع من جهة، وضمان انسيابية حركة المرور من جهة أخرى.
وفي ظل هذه المعطيات، يبدو أنه من الضروري إيجاد حلول سريعة وفعالة للمشكلة، سواء من خلال تحسين البنية التحتية للطرق أو وضع قوانين لتنظيم حركة دراجات التوصيل السريع، بهدف تحقيق توازن بين الفوائد الاقتصادية لهذه الخدمة وضمان السلامة المرورية.
في الختام، على الرغم من أن خدمات التوصيل السريع تمثل تقدمًا كبيرًا في مجال التجارة واللوجستيات، إلا أن التحديات التي تطرأ نتيجة زيادة أعداد الدراجات النارية تتطلب منا جميعًا التحرك بسرعة وفعالية.
من الضروري أن يكون هناك تعاون فعّال بين الجهات الحكومية والقطاع الخاص لضمان حلول تنظيمية تحمي سلامة العاملين في هذا القطاع، وتحافظ على انسيابية حركة المرور. يجب وضع إطار عمل متكامل يتسم بالتنظيم والابتكار، يشمل تخصيص مسارات آمنة وتحديد أوقات عمل مرنة، لضمان استمرار هذه الخدمة الحيوية بشكل آمن ومستدام، كما أن الاهتمام بهذه القضية سيسهم في تعزيز فعالية الخدمات اللوجستية، ويحقق التوازن المطلوب بين الفوائد الاقتصادية والأمن المروري، مما يضمن حماية الأرواح وتطوير هذا القطاع بما يتماشى مع احتياجات المجتمع.