عايض بن خالد المطيري
في خضم الظلام الذي أحاط بالعالم خلال جائحة كورونا، برزت إشراقات من الدروس والتجارب التي غيّرت طريقة تفكيرنا وسلوكياتنا، وألقت الضوء على أهمية المسؤولية الفردية في حماية الصحة العامة. ولكن، ما إن انحسرت الجائحة، حتى بدا وكأن البعض قد نسي تلك الدروس. أحد أهم الدروس التي تعلمناها كان ضرورة الالتزام بالإجراءات الوقائية عند الإصابة بأمراض معدية. أصبح الابتعاد عن التجمعات والتزام المنزل خلال المرض ثقافة مجتمعية جديدة للحفاظ على صحة الآخرين، إلا أن هذه العادة الحميدة سرعان ما تلاشت مع عودة الحياة إلى طبيعتها.
اليوم نشهد عودة ظاهرة مؤسفة؛ حيث يصر البعض على الحضور إلى المساجد، الأسواق والمناسبات الاجتماعية رغم إصابتهم بأعراض أمراض معدية كالسعال أو الإنفلونزا الموسمية أو غيرها، متجاهلين خطر نقل العدوى إلى الآخرين والإضرار بهم. لاشك أن مثل هذا التصرف ليس فقط خرقًا لأخلاقيات المسؤولية الاجتماعية، بل يُعد تجاوزًا شرعيًا ووطنيًا.
وعدم الالتزام بالعزل خلال المرض يعرض فئات المجتمع الأكثر هشاشة، كأصحاب المناعة الضعيفة وكبار السن لخطر الإصابة بمضاعفات صحية. كما يسبب ضغطًا إضافيًا على القطاع الصحي، من خلال زيادة الطلب على الأدوية والخدمات الطبية، فهذه السلوكيات غير المسؤولة تؤثر أيضًا على الاقتصاد الوطني من خلال زيادة تكاليف الرعاية الصحية.
من المنظور الشرعي، تعريض الآخرين للخطر يُعد مخالفة لتعاليم الإسلام التي تدعو إلى حفظ النفس وحماية الآخرين. قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لا ضرر ولا ضرار».. وإذا كان الضرر في الشريعة محرّمًا، فإن تعمُّد نقله أو التهاون في منعه يُعد إثمًا.
أما من الناحية الوطنية، فإن الحد من انتشار الأمراض يسهم في تعزيز كفاءة النظام الصحي وتوفير الأدوية والموارد الطبية للمرضى الأكثر حاجة.