د.حسن مشهور
تعكس الكتابة الأدبية النسائية في السعودية تحولًا ثقافيًا واجتماعيًا جديرًا بالتأمل، فهؤلاء الكاتبات قد أضحين يسهمن في تشكيل نقاشات جديدة حول قضايا المرأة والمجتمع، ويحملن الكتابة الأدبية السعودية لأبعاد جديدة تتمايز عما شهدناه ونشهده من الكتابة الذكورية في الساحة الأدبية السعودية.
إذ إن عملية تأمل ما يتوالد من كتابات عن أيدي هؤلاء المبدعات من بنات الوطن، يعكس بجلاء أن هناك تطورًا ملحوظًا تشهده الكتابة الأدبية السعودية على أيدي هؤلاء الكاتبات في السنوات العشر الأخيرة على وجه الخصوص، حيث بدأ هؤلاء المبدعات في التعبير عن آرائهن وتجاربهن من خلال الكتابة الأدبية سواء منها الكتابة الأدبية المباشرة، أو تلك التي تتقنع بأدوات الرمز والقنع الأدبي.
ويمكن لنا رصد ذلك الحضور الأدبي المتصاعد للكتابة النسائية الأدبية في الساحة الأدبية السعودية عبر جملة من المربعات الحضورية، التي يأتي على رأسها؛ زيادة عدد الكاتبات والمبدعات السعوديات، حيث قد شهدت الساحة الأدبية دخول عدد كبير من الكاتبات السعوديات، اللواتي يكتبن في مجالات متنوعة مثل الرواية، والشعر، والمقالة.
هذا إلى جانب تتناول هؤلاء المبدعات في كتاباتهن مواضيع متعددة تشمل الهوية، والحرية، والعلاقات الاجتماعية، وواقع المرأة في المجتمع السعودي سواء الحاضر منه أو في سياقاته الاجتماعية السابقة، الأمر الذي يسهم في تسليط الضوء على قضاياهن والتحديات التي يواجهنها سواء في واقعهن المعاش أو في الساحة الأدبية السعودية بشكلٍ عام.
الجميل في الأمر الذي يمكن لكل عين منصفة أن تراه، أن هؤلاء المبدعات السعوديات يلقين دعماً متزايداً سواء عبر المؤسسات الثقافية الرسمية، أو غيرها من المراكز والصالونات الأدبية، حيث تُنظم الفعاليات الأدبية وتُمنح الجوائز للأعمال الأدبية النسائية، مما يشكل لهن دافعًا نحو المزيد من التألق والإصرار على توليد نتاجات أدبية تتسم بالنوعية والفرادة.
حقيقةً، إن واقع المرأة سواء المبدعة أو المرأة السعودية التقليدية يعبر عن أن المرأة السعودية تلقى كل دعمٍ وتأييد، وأنه لم يعد يوجد كما في الماضي قيود اجتماعية أو ثقافية تحول دون انطلاقة هؤلاء المبدعات من بنات وطني إلى مختلف جوانب العمل أو الثقافة والأدب، ومن ثم الوصول إلى «تحقيق الذات Self-Actualized» الذي يعد مطلبًا إنسانيًا وعالميًا ويأتي على رأس هرم نظرية الاحتياجات الإنسانية الذي وضع لبناتها الأولى المفكر وعالم النفس الأميركي الشهير إبراهام ماسلو.
مرحليًا، أحلم كغيري من المفكرين والكتاب أن تحقق هؤلاء المبدعات الأدبيات من بنات وطني شهرة عالمية، وأن ينطلقن نحو أبعاد ثقافية وإبداعية تتخطى الداخل السعودي، الأمر الذي سيساعد في تعزيز حضور الصوت النسائي السعودي في الأدبين العربي والعالمي، خاصة في ظل حضور وسائل التواصل الاجتماعي، التي أصبحت فيه المنصات الرقمية مساحة لعرض الأعمال الأدبية والتواصل مع الجمهور ليس فقط في حدود الوطن، وإنما خارجه، الأمر الذي يتيح كما أسلفت فرصة أكبر لهؤلاء المبدعات للتعبير عن أنفسهن وعكس فكرهن في أشكال أدبية ماتعة.
ولازلت أذكر جيدًا أنه في العام 2013م، كنت قد تشاركت مع غيري من الكتاب والكاتبات مع أخينا أبي عبدالله، الصديق والكتاب الصحفي الجميل الأستاذ قينان الغامدي في تأسيس ومن ثم الكتابة في صحيفة «الشرق»، التي كانت تصدر في نسختيها الورقية والإلكترونية. وكان يشاركنا الكتابة جملة من المبدعات من بنات الوطن لازلت أذكر منهن الكاتبة المبدعة رجاء البوعلي التي أصدرت عدداً من الروايات الأدبية التي يأتي على رأسها رواية « 10 أيام في عين قسيس الإنجيلي»، والأديبة والكاتبة الصحفية وفاء الطيب، والأديبة والكاتبة الصحفية رائدة السبع والكاتبة الصحفية والأديبة سلمى بوخمسين، والكاتبة الصحفية سامية البريدي، غيرهن كثر لم تسعفني الذاكرة التي طالها الوهن بتذكرهن. حيث قد عكست كتاباتهن الصحفية حينذاك سواء في شقيها الأدبي أو الاجتماعي تلك الأبعاد المعرفية والفكرية التي يتحلين بها، والتي تعد فخرًا للكتابة السعودية المتميزة والمتألقة على الدوام.