علي حسين (السعلي)
هذي عبارة نسمعها دائما، أنا وأنت والغالب ممن هيأت له الظروف، أو بالخطأ قرأ هذا المقال فانتظرلا تذهب بعيدا، صدّقني لم ولن تندم وإلا فاسلك لك دربا قرّائي لمقالات المبدعين غيري.
المهم حين تسمع أو تقرأ هذه العبارة، أو حتى تشاهدها، فاعلم أنك أحد أوّل أشياء تصدر منك:
-تضرب بما قرأت أو سمعت عرض الحائط!
-تهتم بمقولة «أنت محسود» كل الاهتمام وتنتفض وربما يصيبك بعض القلق والقليل رعبا.
-تبلغ منك مبلغا مفكرا ثم في آخر الأمر تعكر صفو يومك كله.. أليس كذلك؟
حسنا، دعونا ابتداءً نقنن هذه المسألة في هذه المقولة «أنتَ مَحْسُوْد» شرعا عرفا وثقافة وأدبا فلننطلق في كتابتنا مثل انطلاقة الشهاب:
الحسد موجود قرآنا قال تعالى: (أم يحسدون الناس على ما أتاهم الله من فضله) وهناك كثير من الآيات في هذا الشأن فهنا نقرر وقوع الحسد، والشيء العجيب يتوافق منطقا وعرفا بأن هناك حكاية لاثنين من أصحاب الشاحنات في ليل أدلج وقفوا ليرتاحوا ثم نصبوا لهم جلسة ومع كوب الشاي بدأوا يتنافسون مَنْ الذي بعينه يعطّل السيارات على الشارع العام سيارة سيارة وفعلا حتى وصل بهم الأمر أن انحرفت سيارة واتجهت لهم كادت تدهسهم «هذه القصة قيلت لي من العيّان نفسه يعلم الله» الله يكفينا شرّهم.
فالحسد كما قال الجاحظ:
«الحسد -أبقاك الله- داء ينهك الجسم ويفسد الود،علاجه عسر، وصاحبه ضجر،وهو باب غامض، وأمر متعذر، فما ظهر منه فلا يُداوى، وما بطن منه فمداويه في عناء» وقد قال فرانز كافكا:
وهو آخر ما كتب كافكا إلى ميلينا
كأن بأمكاننا إصلاح الأمور
أن تكوني أنتِ الطرف الأفضل
وتتنازلين قليلآ!
كما كنت أفعل أنا؛!
كان من الممكن أن تستمري بقول صباح الخير، وأنا بدوري انتظر الصباح إلا أن تقوليها!
وتودعينني ليلآ ، وأغلق الكون بعدك!
ما أشعر به ليس حبّآ ياميلينا!
أو قد يكون حبآ
ولكن ليس كما تتخيلينه!
إنهُ أكبر من ذلك!
أنا الآن من دون روح.. من دون أحساس
ومن دون أي شيء!
لم أشعر يومآ أنني بحاجة أحد كما أشعر الآن!
صدقيني ياميلينا أنتِ روعة الأشياء البائسة!
وأنتِ الحياة لكل جذوري اليابسة،!
أفتقدك كثيرآ،
أكثر مما تخيلتُ بأن الفقد مؤلم!
ما الفائدة من إغلاقكِ للأبواب
إن كانت روحي عالقه على جدران بيتك؟!
أنتِ الآن تُزيدين البُعد شوقآ ،،،!
أفتقدكِ..
وعد..
سيكون هذا آخر ما أكتبه إليك!
وداعآ (ياعظيمتي)
انظروا هذه السوداوية في تلك الرسالة لحبيبته ميلينا، فما الذي جعل هذا الروائي العظيم والكاتب المتمكن من أدواته أن يجمع كل هذا التشاؤم تناقض عجيب بين الحب والكره ولعلي هنا أزيد الحسد، نعم، الحسد لهذا المولود بالسواد يتنفس الظلام ويبكي على الأطلال ولا يكتب حرفا إلا ليلا؛ فوالده العقبة التي واجهته طفلا وصبيا وفتى وحين كبر لازمته كتابيا في ظني أنه يعتقد بأنه محسودا بلا شك استسلم كافكا لهذه المقولة ربما أنتَ محسود.
في هذا الزمن 2025م، ظل هاجس الحسد عند بعض الأدباء وقليل من المثقفين والمفكرين والأهم الفلاسفة محيطا بهم كإحاطة السوار بالمعصم لا فكاك من ُإشباع هذه «المقولة أنت محسود!» طيب هَبْ أننا لمسنا حسد ولبسنا عباءته، فماذا نفعل ونحن لدينا فكرنا وثقافتنا وأدبنا وقراءاتنا عندئذٍ ؟
هنا السؤال الذي يطرح نفسه! وكما قيل الشجرة المثمرة ترمى بالحجارة..
من وجهة نظري:
-تقفل باب أن كل شيء سببه الحسد.
-تحافظ على صلاتك وقراءاتك ووردك اليومي.
-وثق بالله بأنه الحافظ ثم اعمل، اقرأ، اكتب، فأنجز لتبدع أكثر!
-قيل في المثل الشعبي «عين الحسود فيها عود» بالضبط ضع الحاسد وراء ظهرك فعدم التفاتك له يميته غيظا.
-واعرف أن الدسائس والمكائد والعياذ بالله، التي تحاك ضدك وأنت لا تعلمها ستعود إلي الحسود وإليهم، صدّقني ما يقهرهم هو ما تكتب واستمرارك يفرح محبيك ويزداد الحاسد نارا في قلبه.
«سطر وفاصلة»
انتفض لذاتك، احم نفسك من نفسك، لا تجعل المستحيل حاجزا لإثبات نفسك؛ فأنت وحدك من يعرفك قيمة نفسك. الصباح مُلُكك و المساء أميرك، فحاول أن تجعل من نفسك ملكا متوجا بالاعتناء بنفسك وأميرا على نفسك..
اكتب نفسك، اكتشفها.. شكلها لتكون ما بين نفسك ونفسك نفسك.. يا أجمل أنفاس صباحاتك ..