محمد العبدالوهاب
كنت قد كتبت في مقال سابق والذي جاء أشبه بالقصة القصيرة عن ذاكرة زملاء الدراسة الشغوفين بمادة اللغة العربية، وللأمانة لقي هذا المقال صدًى واسعًا لدى زملاء الحرف والفكر ومن يجمعني معهم ذكريات الزمن الماضي الجميل، والذين طلبوا مني المواصلة بمثل هذا الطرح البعيد عن غيره من المقالات الروتينية التي تتشابه في الأفكار والمضمون على حد وصفهم.
أزعم أن (جيلي) تحمَّل تراكمات حياة وفكر وعادات وتقاليد في أنماطه المعيشة وأساليب قمعية من السلطة المجتمعية التي تفوق سلطة الأبوين والأسرة على حد سواء، لم نتقيد بها، بل كنا متمردين على أهوائهم لحد المخاطرة، في عالم مليء بالتحديات فرضنا تحقيق ملذات الحياة من رؤى وأفكار وتحقيق رغباتنا وإشباع هواياتنا، بكل صدق ووضوح ونقاء لطالما نتقيد بالقيم والسلوك الأصيل الذي لم نتجاوز فيها الخطوط الحمراء التي نعاقب فيها قانونياً كنظام وطن، ولكن دون خضوع لمعقدي المجتمع وضغوطاتهم التي تنبذ كل ما يتعلق بالحضارة من فكر وثقافة والتي لا نقبل فيها المقايضات والمساومات على إثبات مبادئنا وأخلاقنا السامية التي تربينا عليها منذ طفولتنا وحتى بدايات شبابنا إلى هذا الزمن الذي وصلنا فيه من العمر عتياً.
كنا نرتاد الأندية الرياضية ونستمتع بمشاهدة النجوم الكروية عن قرب، ونستمتع بحضور مناشطها الثقافية والاجتماعية ونترقب جوائز المراكز الأولى للمثقفين في مسابقاتها التي كان نجمها وبطلها الأول وعلى مستوى المملكة أستاذ عالم أبحاث في السرطان حالياً (لا) أريد ذكر اسمه حتى لا أحرجه لكونه لم يذكرها، وغيره من رموز ورجالات الوطن الذين تبرز أسماؤهم اليوم في مفاصل أهم القطاعات الحكومية والأهلية، منهم وزراء ورجالات فكر ورؤساء صحف، والذي أجزم فيه بأن أنديتنا كان لها الإسهام المباشر في ميلاد الأدب والثقافة والفكر والإعلام بهذا البلد العظيم، وأتذكر أكثر بأن من كان يقود إدارات تلك المناشط الثقافية بالأندية الأربعة بمدينة الرياض (آنذاك) هم الإعلاميون: أحمد العلولا ومشعل الرشيد وفهد الحوشاني وعبدالعزيز العبدان -رحمه الله-.
اليوم لم نعد نشاهد تلك المناشط الثقافية في الأندية بعد أن كانت من المناشط المهمة ذات الفعاليات الواضحة في الإدارة الثقافية بالرئاسة العامة لرعاية الشباب (آنذاك) بحكم أنه ومنذ صدور الأمر السامي الكريم بإنشاء وزارة الثقافة، انتقل لها كل ما يتعلق بثقافة بالقطاعات الحكومية ويدخل ضمن مهامها بحكم التخصص، وثم يصعب على الأندية مخاطبة وزارة الثقافة دون أخذ موافقة المرجع لها وزارة الرياضة.