دهام بن عواد الدهام
بتاريخ 04-08-2024م بالعدد 18706 كتبت بهذه الجريدة الغراء مقالة بعنوان (لا حمار لنا فيها ولا فيل) حول الانتخابات الرئاسية الأمريكية وما يحيط بها من تحليلات وتوقعات حينها وأي من الفريقين سيفوز. فلا بد من التوقف عند ما بعد هذا الفوز وتنصيب سيد للبيت الأبيض، يبدو أن السيد ترمب يدير المكتب البيضاوي بعقلية التاجر الذي يبحث عن الربح حتى لو كانت الطرق تضر بالآخرين دون وجه حق، وربما أقول إنه يفقد في بعض المواقف والتصاريح بوصلة الدبلوماسية حتى وإن كانت هذه المواقف تتعلق بالمصالح الأمريكية الخالصة.
لا يعنيني بشكل خاص موقفه من كندا والمكسيك أو حتى بنما ولا رؤيته للعلاقة مع أوروبا ولا الحرب الأوكرانية ولا الصراع مع بكين تلك القضايا تلقى من الداخل الأمريكي من يعارض ومن يؤيد تلك الأفكار ومن الخارج؛ لكل دولة الحق في التعامل معها (ربما أكثر إثارة إعلان إحدى شركات الكروز الأمريكية التي تنوي تنظيم رحلة كروز لمدة أربع سنوات ابتعاداً عن الداخل الأمريكي فترة رئاسة السيد ترمب).
أعود إلى ما يعنينا من رئاسة السيد ترمب ومواقفه تجاه المنطقة وأحوالها، تدرك قيادة بلادي التي يوليها بتوجيهات مقام خادم الحرمين الشريفين، وسمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان -حفظها الله- أهمية مصالحنا الوطنية ليست فقط مع الولايات المتحدة الأمريكية، لكن مع كل القوى العالمية، فالمملكة ذات الثقل الإسلامي والعربي والعالمي والحصن الداخلي تتربع على قمم من المعطيات التي تدير من خلالها مصالحها الوطنية أولا وما يهم مصالح الآخرين في شكل متوازن وبما يحقق السلام والرخاء والأمن العالميين، وهذا ما توّجَه مواقفها من استقرار أسعار الطاقة، وهي الرقم الرئيس في الساحة العالمية ومواقفها الإقليمية والدولية، لكن للأسف ما يطرحه السيد ترمب من أفكار تخص منطقة الشرق الأوسط والصراع القديم المتجدد خاصة ما يتعلق بالقضية الفلسطينية لا ينبئ ببارقة أمل في إحلال السلام المبني على الحقوق الشرعية للشعب الفلسطيني، بل تتعدى هذه الأفكار ما كانت تقوم به الإدارات الأمريكية السابقة من محاولات التعاطي مع الحلول المطروحة، السيد ترمب وكأن به رئيس لدولة إسرائيل أكثر من الإسرائيليين أنفسهم حين يطرح تهجير شعب غزة إلى دول أخرى (بمثابة احتلال للأرض) ويتجاهل حق هذا الشعب في أرضه لم تزعزعه نيران القصف الإسرائيلي منذ 7 أكتوبر 2023م إلى وقت وقف إطلاق النار حين عاد سكان غزة إلى بيت محطه بلا وجود لما كان، يبدو أن السيد ترمب تلبس بعباءة نتنياهو وحارب مواقف محكمة العدل الدولية العادلة تجاه الحقوق الفلسطينية وعدم قانونية الاحتلال وقرارات الجمعية العامة للأمم والمتحدة وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة بالقضية الفلسطينية، كما يسعى نيابة عن الحكومة الإسرائيلية بأخذ كل شيء من علاقات وتطبيع دون أن تقر بحقوق يقرها القانون الدولي، في كل المحافل الدولية والإقليمية أعلنها سمو سيدي ولي العهد أن القضية الفلسطينية ذات أولوية في اهتمامنا وسياستنا حتى مع وجود الأصوات الناعقة المتصهينة التي تقتات من موائد نتنة والتي تزعجها هذه المواقف الأزلية للمملكة، وأن حل الدولتين الذي يضمن للشعب الفلسطيني دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية موقف لا حياد عنه مستندا إلى قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية ولا علاقات دبلوماسية قبل تحقيق هذا الهدف..
وكم كان بيان وزارة الخارجية الصادر يوم 5 فبراير 2025م محطماً للمتربصين بالموقف السعودي. لذلك سمو سيدي ولي العهد.. خلفك شعب مؤمن بالله أولا ومن ثم بالوقوف خلفك تلاحماً وإيماناً بقيادتك بالوقوف إلى جانب الحق الفلسطيني ولإحلال السلام في المنطقة بالمتطلبات الشرعية التي تؤمنون بها سيدي والتي طرحتموها بكل المحافل الإقليمية والدولية وبكل خطواتك في سبيل رقي ونهضة هذه المملكة العظيمة بكل مقوماتها وإرثها الإسلامي العربي العريق.