بدر الروقي
القناعةُ كنزٌ من كنوزِ السعادة، متى ما امتلكها إنسانٌ أصبح أغنى الخلق، وأسعدهم حيث لا مكان عنده للطمعِ والغلِ والحسدِ، ولا مأوى في قلبه للضغينةِ والثأر والبغضاء.
قرارُ القناعةِ في حياتك هو استقرارٌ لنفسك، وسكينةٌ تسكنك، وطمأنينةٌ تغمرُ روحك وجوارحك، فتبني بينك وبين(الحسد) جِداراً لا يسقط، وتُشَيِّدُ في وجه (الغيرة) سوراً لا ينهار..
هذا لأنكَ اغتنيتَ بنظرك عن ما في أيدي الناس، ورضيتَ بقسمةْ كتبها ربُّ الناس، وتوقَّفْتَ متأملاً عند قوله سبحانه: {وَلاَ تَتَمَنَّوْاْ مَا فَضَّلَ اللّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ} (32) سورة النساء.
من لَبِسَ ثوب القناعة ازْدانَـتْ في ناظريه الحياة، وعاش جميلاً في أعين البشر.
القناعةٌ رصيدٌ من (عزة النفس) لم ولنْ يمتلِكْهُ فقراءُ الرضا، وضعفاءُ المَبْدأ الذين ركعوا (لِنهمهم) وسجدوا (لِجشعهم) فوجبتْ عليهم صلاة الجنازة؛ لأنهم قدْ فارقوا حياة الكرامة، وودعوا دنيا الكمال.
وما هم إلاَّ كذلك (الرجل) الذي قال له أحد الملوك عندما أراد أنْ يُكافئه: «امتلك من الأرضِ» كل المساحات التي تستطيع أن تقطعها سيراً على قدميك، ففرح الرجل وأخذ يمشي في الأرض مسرعاً ومهرولاً بجنون، ففكر بالعودة إلى الملك ؛ كي يمنحه (مساحة الأرض) التي قطعها، ولكنه وعند اقترابه من قصر الملك غيّر رأيه ؛ معتقداً أنَّه يستطيع قطع مسافة أكبر، ففكر في العودة للملك إلاَّ أنه تردَّدَ مرةً أخرى ؛ لظنه أنه بإمكانه الحصول على أكثر من هذا، فظل يسير ليلاً ونهاراً حتى أنه لم يعد أبداً؛ إذ يُقال أنه ضلَّ طريقهُ، وقيل أنَّه أُنهكَ مِنَ التعب، فهذا أضاع كنزاً ثميناً وهو (القناعة).
فكيف لنا بإقْنَـاعِهِ أنَّ الكنزَ يتحقق بالقَنـاعـة!!؟