منصور بن صالح العُمري
في مرحلة مفصلية من تاريخ الأمة العربية، برز ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان كقائد استثنائي يقود رؤية تنموية جبارة داخل المملكة العربية السعودية، وفي الوقت ذاته يخوض معركة سياسية ودبلوماسية كبرى للحفاظ على الهوية العربية واستعادة الاستقرار في الدول التي تضررت بفعل التدخلات الخارجية.
وبينما ينطلق في تحقيق رؤية 2030 التي تسابق الزمن نحو الحداثة الاقتصادية والاجتماعية، فإنه يثبت أيضًا أنه رجل دولة عربي بامتياز، يسعى للحفاظ على وحدة الصف العربي وتعزيز مكانة المنطقة عالميًا.
الدفاع عن الحقوق العربية:
فلسطين أولاً
لطالما كانت القضية الفلسطينية مركز اهتمام السعودية، لكن الأمير محمد بن سلمان أعاد تأكيد التزام المملكة الثابت تجاه حقوق الشعب الفلسطيني، فقد واصلت السعودية دعمها الدبلوماسي والاقتصادي والسياسي للفلسطينيين، سواء من خلال تعزيز موقفهم في المحافل الدولية أو تقديم الدعم المالي لمؤسساتهم. كما كان موقف المملكة واضحًا في رفض أي تسويات لا تحقق الحقوق المشروعة للفلسطينيين، وعلى رأسها إقامة دولتهم المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية.
وفي ظل التحديات الأخيرة، لعبت الرياض دورًا محوريًا في إيقاف الاعتداءات على غزة، حيث قادت جهودًا دبلوماسية لإيصال المساعدات الإنسانية والسعي نحو حلول توقف نزيف الدم الفلسطيني، مع التأكيد الدائم على أن السلام العادل لا يتحقق إلا بإنهاء الاحتلال.والرفض التام لكل محاولات التهجير القسري لأهل غزّة.
استعادة سوريا ولبنان والعراق واليمن
إلى الحضن العربي
منذ عقود، واجهت الدول العربية تحديات خطيرة بفعل التدخلات الخارجية التي أججت الصراعات وزعزعت استقرارها. لكن الأمير محمد بن سلمان قاد نهجًا استراتيجيًا يهدف إلى استعادة هذه الدول إلى دائرة الاستقرار العربي، من خلال الدبلوماسية الحازمة، والتنمية الاقتصادية، وإعادة بناء العلاقات العربية القوية.
1 - سوريا: العودة إلى الحاضنة العربية
بعد سنوات من القطيعة، عملت السعودية بقيادة ولي العهد على إعادة دمشق إلى جامعة الدول العربية، مؤمنةً بأن العزلة لا تبني الأوطان، بل تعزز الفوضى. هذه السياسة تقوم على إعادة سوريا إلى عمقها العربي، ودعم الحلول السياسية التي تحفظ وحدة الأراضي السورية بعيدًا عن النفوذ الأجنبي. وتقديم كامل الدعم بكافة أشكاله للإدارة السورية الجديدة.
2 - لبنان: إنقاذ الدولة من الهيمنة الخارجية
لطالما كانت السعودية الداعم الأكبر للبنان سياسيًا واقتصاديًا، لكن النفوذ الإيراني عبر حزب الله تسبب في انهيار الدولة اللبنانية. ومع ذلك، لم تتخلَّ المملكة عن دورها الريادي في إعادة الاستقرار، حيث يقود الأمير محمد بن سلمان جهودًا مكثفة لدعم الشعب اللبناني، ومساعدته في مواجهة الانهيار الاقتصادي، مع الضغط السياسي لكبح النفوذ الخارجي الذي يعطل استعادة لبنان لدوره العربي.
3 - العراق: تعزيز الاستقلالية العربية
لعبت المملكة دورًا متزايدًا في دعم العراق لاستعادة سيادته من التدخلات الخارجية، حيث شهدت العلاقات السعودية العراقية تقاربًا غير مسبوق شمل اتفاقيات اقتصادية ضخمة ودعم مشاريع تنموية تهدف إلى تقوية الاقتصاد العراقي بعيدًا عن أي أجندات إقليمية تهدد وحدة العراق.
4 - اليمن: إعادة التوازن والسعي لإنهاء الحرب
الحرب في اليمن كانت واحدة من أكبر التحديات التي واجهتها المملكة، لكن الأمير محمد بن سلمان تعامل معها بواقعية، حيث عمل على تحقيق حل سياسي شامل يضمن استقرار اليمن بعيدًا عن النفوذ الإيراني. ومن خلال المبادرات السياسية والدعم الاقتصادي والإنساني، تسعى السعودية إلى إنهاء معاناة الشعب اليمني، وإعادة البلاد إلى مسار التنمية والاستقرار.
السودان: دعم الاستقرار والمصالحة الوطنية
تشهد السودان أزمة سياسية وعسكرية تهدد وحدة البلاد واستقرارها، لكن السعودية بقيادة ولي العهد لعبت دور الوسيط الحيادي لتقريب وجهات النظر بين الأطراف المتصارعة، ووقف إراقة الدماء. كما قدمت المملكة مساعدات إنسانية كبرى، وواصلت جهودها للحفاظ على وحدة السودان وسلامة شعبه دون التدخل في شؤونه الداخلية.
رؤية 2030: قاطرة النهوض السعودي رغم التحديات
وسط كل هذه التحديات الإقليمية، لم يتوقف الأمير محمد بن سلمان عن قيادة نهضة تنموية كبرى داخل المملكة، بل استطاع أن يجمع بين السياسة والتنمية بذكاء غير مسبوق.
- اقتصاديًا: تحولت السعودية إلى واحدة من أسرع الاقتصادات نموًا في العالم، من خلال مشاريع عملاقة مثل نيوم والقدية ومشروع البحر الأحمر.
- اجتماعيًا: شهدت المملكة إصلاحات غير مسبوقة، تمثلت في تمكين المرأة، وتوسيع الحريات الثقافية، وتحسين جودة الحياة.
- إدارياً: تحويل معظم الخدمات إلى خدمات رقمية وفرت الجهد والوقت وضمنت جودة الأداء والمتابعة
- تقنيًا وصناعيًا: تسعى المملكة إلى تحقيق الاستقلال الصناعي والتكنولوجي، من خلال تطوير قطاعات مثل الطاقة المتجددة، والتكنولوجيا الحديثة، وصناعة الفضاء.
التحدي الأكبر: التوازن بين الداخل والخارج
يُحسب لولي العهد نجاحه في الحفاظ على هذا التوازن الدقيق بين إعادة بناء الداخل السعودي، واستعادة مكانة المملكة كقائد للعالم العربي، دون أن يؤثر أحدهما على الآخر.
خاتمة: قائد عربي بامتياز
ليس من السهل أن تجمع بين إصلاح الداخل والدفاع عن القضايا العربية الكبرى في وقت واحد، لكن الأمير محمد بن سلمان أثبت أنه قادر على قيادة هذه المعادلة الصعبة. فمن خلال إستراتيجية حكيمة، وسياسات قوية، ورؤية مستقبلية واضحة، أصبح الأمير الشاب محمد بن سلمان، ليس فقط قائد النهضة في بلاده، بل قائد عربي يسعى لإعادة التوازن لمنطقة تواجه أعتى التحديات.حتى إنك ترى الزعماء العرب يقصدونه للتشاور والتنسيق في المواقف الكبرى التي تواجه بلدانهم.
إنه رجل المرحلة بامتياز، يقود سفينة السعودية نحو القمة الاقتصادية والتكنولوجية، وفي الوقت ذاته، يضع الهوية العربية في مقدمة أولوياته، ليعيد للعالم العربي مكانته وقوته بعيدًا عن التدخلات الأجنبية.