منى السعدي
الإنسان بطبيعته يبحث دائمًا عن مصدر للطمأنينة والقوة الداخلية التي تعينه على مواجهة صعوبات الحياة. ومن أعظم القيم التي تمنح الإنسان الراحة والثقة هو التوكل على الله، الذي يجمع بين الاعتماد على الله سبحانه وتعالى وبذل الأسباب لتحقيق النجاح ونعني بالتوكل هو اعتماد القلب على الله حقا، مع الأخذ بالأسباب المشروعة. فهو ليس تواكلًا أو تخليًا عن العمل، بل هو يقين بأن الله هو المدبر، مع السعي والاجتهاد. وقد ورد في القرآن الكريم قوله تعالى: {وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} أي أن من يعتمد على الله فإنه كافيه ويسدد خطاه.
التوكل لا يكفي أن يعتمد عليه دون السعي، كما في الحديث النبوي الشريف: «لو أنكم تتوكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير، تغدو خماصًا وتروح بطانًا» فالطير تخرج للبحث عن رزقها، لكنها تعتمد على الله في تدبير أمرها.
المتوكل على الله لا يعيش في قلق دائم، بل يطمئن بأن الله سييسر له الخير و موقن بأن الله بيده كل شيء لن يخشى الفشل أو المستقبل.
هناك العديد من القصص في التوكل على الله منها : قصة النبي إبراهيم عليه السلام عندما أُلقي في النار، فقال بكل ثقة: {حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ} فنجاه الله وجعل النار بردًا وسلامًا عليه، وكذلك النبي محمد عليه الصلاة والسلام عندما كان في الغار مع أبي بكر الصديق، فقال له: {لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللّهَ مَعَنَا} وكان التوكل سببًا في نجاتهما.
لابد على كل إنسان أن يزيد من ثقته بالله هو المدبر وحده والحافظ في كل الأمور مع الأخذ بالأسباب والعمل بجد وإخلاص، وأن يكثر من الدعاء والاستغفار و حسن الظن بالله.
ختامًا، التوكل ليس مجرد شعور داخلي بل سلوك يتجسد في العمل والإيمان معًا ومن يتوكل على الله حق التوكل، سيجد أبواب الخير مفتوحة أمامه، وسينال السعادة في الدنيا والآخرة لقوله تعالى: {وَعَلَى اللّهِ فَتَوَكَّلُواْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ}.