د. محمد عبدالله الخازم
مع التذكير بأنني بدأت كاتبا في مجال الرياضة، إلا أنني لست عائدا لمنافسة الزملاء في هذا المجال. لياقتي لا تسمح بذلك، لكنني أدعو منظمي كرة القدم السعودية إلى التفكير بطريقة مختلفة عما تعودناه. أكتب لهم محتجا، بأنني لا أستطيع حضور مبارياتهم مع أسرتي بسبب توقيتها. تبدأ المباراة الساعة التاسعة، وعلي أن أتحرك تجاه الملعب قبلها بوقت كاف يزيد على الساعة وذلك أمر طبيعي، بالذات في مدينة كبرى وإجراءات دخول ملاعب نقدرها. الصعوبة الكبرى هي عند انتهاء المباراة الساعة الحادية عشرة وما بعدها والخروج من الملعب ومواقفه ثم محاولة تناول العشاء مع الأطفال أو العائلة أو الأصدقاء قبل العودة للمنزل، مما يعني العودة للمنزل ليس قبل الساعة الواحدة أو الثانية صباحا. لماذا هذا العذاب وربي خلق لنا اليوم أربعاً وعشرين ساعة؟
لماذا لا تقام المباريات ظهرا أو حتى قبل الظهر، بالذات في الشتاء وفي المناطق المعتدلة الأجواء؟ لماذا لا تكون المباراة جزءا من رحلة يوم ممتعة مع العائلة نشاهد المباراة في الملعب ثم نذهب للمقهى أو للمتنزه (نأكل فلافل) والسوق أو السينما، إلخ؟
هذا طلب منطقي ويحدث في عديد من المنافسات العالمية، بما فيها منافسات كأس العالم التي شاركنا فيها. أتذكر حضوري مباراة السعودية والسويد في كأس العالم 94 وقت الظهر وفي حرارة مرتفعة نسبيا بمدينة دالاس كما حضرت مباراة السعودية والمغرب بعد الظهر في نيوجرسي.
دعوني أخاطبكم بأن رؤية 2030 تسعى إلى تحسين جودة الحياة، فهل تحسين جودة الحياة يكون بالسهر حتى بعد منتصف الليل ثم النهوض باكرا للذهاب إلى أعمالنا ونحن مرهقون متعبون، هذا إن لم نغب ويغيب أطفالنا عن المدارس بسبب ذلك السهر؟ كما أن رؤية 2030 تسعى إلى تكوين طاقات بشرية عاملة منتجة جادة في القيام بمهامها، فهل يكون ذلك عبر هذا النظام المرهق وغير المرتب زمنيا؟
الأمر مضر ليس فقط بالمشاهدين والحضور، بل حتى المنظومة ذاتها، فكيف تنتظم تدريبات الفرق عندما يسهر لاعبونها حتى ما بعد منتصف الليل وأحيانا يقضون الليل في سفر ويتوقع منهم الانتظام في تمارين الصباح. كذلك، الأمر يزعج الناقل التلفزيوني بسبب نقل مباريات عديدة في نافذة وقتية قصيرة لا تزيد على ثلاث أو أربع ساعات، بينما هناك أوقات فراغ كبيرة قد يحبذها المشاهد بالذات في أيام نهاية الأسبوع. بل إن منتصف اليوم قد يكون أكثر عطاء وطاقة من قبل اللاعب والملاعب وزراعتها مهيأة بشكل أجمل منتصف النهار وتكاليف الطاقة أقل والعمليات الأمنية واللوجستية أسهل.
لا أطالب بأن تكون المباريات الساعة الثامنة صباحا، لكن وقت الظهر/ بعد الظهر مباشرة قد يكون منطقيا جدا، بالذات في نهاية الأسبوع وفي الأوقات والمناطق الباردة. وبصفة عامة، أرجو أن تنتهي جميع الأنشطة الرياضية الساعة التاسعة مساء، أي أن تلعب آخر مباريات الساعة السادسة أو السابعة بحد أقصى، على غرار أغلب المباريات التي تقام في الدول الأوروبية. جربوا أن تصبح المباريات جزءا من نظام اجتماعي مريح ويتوافق مع توجهاتنا في خلق بيئة نشطة عمليا وتتمتع بجودة الحياة عبر النوم السليم والنظام الاجتماعي السليم. امنحونا وقتا كافيا نفرح بفوزنا / نمتص هزائمنا قبل الذهاب إلى النوم!
ختاما، أعلم أنها دعوة غير مطروقة والأعذار؛ هذا ما تعودناه وهذه أجواؤنا، إلخ. أرجو بحث الأمر بطريقة علمية، وعدم الخوف من التجريب. أسوأ عدو للأفكار هو الخوف من التجربة!