د. إبراهيم بن جلال فضلون
إن قوة الحضور السعودي تنعكس على القرارات الدولية بحضور عقلي ونمو جرئ، ينعكس على أي موقف دولي، بل ويكون له رد فعل قوى يُعمل له مليون حساب، فتقديرات صندوق النقد الدولي للنمو الاقتصادي في السعودية، بـ 4.6 % في عام 2025، وبنسبة 1.5 % في عام 2024، كانت إيجابية، وهي قريبة من تقديرات البيان التمهيدي للميزانية السعودية، وهذا يعكس قوة الاقتصاد السعودي الذي يُعد أكبر حاضنة للأعمال، يُعزز مكانتها في المنطقة، أما التذبذب في أسعار النفط لن يكون له تأثير كبير على النمو الاقتصادي بالمملكة، بعد الاستدامة المالية والاقتصادية، ووجود الاستثمارات وأدوات الدين العام.
إن أمن المملكة العربية السعودية واحترام سيادتها كحاضنة للقضايا العربية هو خط أحمر، لن تسمح به أي دولة في العالم، فأي مساس مُباشر بالسيادة السعودية، يُعد خرقا فاضحا لقواعد القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، وبالتالي كانت القوة الحاضرة للحكومة الرشيدة نابعة من رؤيتها القويمة في الرد على الرئيس ترامب ونتنياهوا، لاسيما عندما يتعلق الأمر بغزة فلا تفاوض ولا مزايدة علي السعودية قائدة المليار ونصف مسلم، والدليل استنجاد ترامب نفسه بطلب الاستثمارات السعودية التي بلغت لأكثر من 600 مليار دولار، أملاً أن تصل لتريليونيه كاملة، فبلغت الاستثمارات في أذون الخزانة الامريكية فقط نحو 135.6 مليار دولار وفق آخر تقرير صادر عن وزارة الخزانة الامريكية.
الرياض وسيط دولي لا غنى عنه
لا ننسى ارتباك واشنطن عندما تم الإعلان المدوي السعودي بقطع إمدادات النفط عن أمريكا والغرب كجزء من ترتيبات حرب أكتوبر 1973، وردا على الانحياز الغربي لإسرائيل ودعما للقضية الفلسطينية التي يتجدد عهدها الآن والعرض بإقامة دولة على أراضي السعودية، فلم يكن قطع النفط سهلا على دول الغرب التي لم تفهم عقلية حُكام الرياض الذين لا يتركون بيتهم العربي مهما كانت فهم أبناء الجزيرة العربية ورجال الصحراء، ينحازون فورا لقضايا أمتهم العربية والسعودية مهما كانت النتائج، لتتأتى الردود السعودية برؤية خارجية قوتها الاقتصادية هي الحاكم والمحكوم معاً. لتنوعها الاقتصادي لتشمل قطاعات متعددة مثل السياحة والتكنولوجيا والخدمات اللوجستية وحاضنات ومسرعات الأعمال أهلها لأن تتمتع بعلاقات استراتيجية مع الجميع وحلقة وصل بين أكبر عمالقة الاقتصاد والسياسي الولايات المتحدة والصين، أو الأولى والروس، وغيرهم ما يمنحها القدرة على سد الفجوة بين الطرفين.
الرسالة واضحة أيها العالم
نعم، يديرونها بسياسة وحصافة إلا أنها صارمة ومؤلمة، وكانت الرسالة واضحة كما جاءت الآن بموقفها البطولي، يحتم عليها الوقوف أمام الانحياز الأمريكي غير المُبرر لإسرائيل مهما كانت النتائج، ولقد وصف السفير السعودي الأسبق في واشنطن الأمير بندر بن سلطان في لقاء مع الزميل تركي الدخيل علاقة «الصداقة والمواجهة والندية» بين السعودية وأميركا، قال: تكتشف أي إدارة أمريكية جديدة أن المملكة العربية السعودية تعمل في سبيل الخير «ما هو» في سبيل الشر، وكلمتها صادقة، إذا وعدنا وفينا، وإذا قلنا «لا» نعني «لا»، ولسنا مثل غيرنا يقول نعم ولا في نفس الوقت.
وختاماً: إن السعودية لديها خطط اقتصادية منظمة طويلة الأجل تساهم في دعم النمو الاقتصادي، بل واستثمرت بشكل كبير في قدراتها التي لعبت الدور الأبرز في تأثيرها على القرارات السياسية الدولية مهما كانت القوى، كونها أكبر اقتصاد بمجموعة العشرين وصاحبة المؤشرات الدولية الكبرى، وتحولها إلى قوة إقليمية للذكاء الاصطناعي كجزء من استراتيجية رؤية 2030 التي تهدف إلى تنويع الاقتصاد السعودي، وفق أخر تقرير بالمنتدى الاقتصادي العالمي (دافوس 2025).