أحمد يوسف الراجح
ودّعت المملكة العربية السعودية يوم الثلاثاء الموافق لتاريخ 28 رجب 1446هـ الموافق 28 يناير 2025م صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن فهد بن عبدالعزيز «رحمه الله» بعد مسيرة حافلة بالإنجازات والعطاء تاركاً خلفة إرثاً سياسياً وتنموياً، جسده من خلال إرسائه لقواعد النهضة الشاملة لشرقي المملكة لعربية السعودية التي ستظل بفضل جهوده الكبيرة وعطائه اللا محدود نبراساً تستلهم منها الأجيال وخير شاهد على ما قدمه من أجل الوطن وأبنائه.
لمحة من سيرته الذاتية
الأمير محمد بن فهد هو الابن الثاني من أبناء الملك فهد بن عبد العزيز آل سعود. وممثل هيئة البيعة لأسرة الملك فهد وأحد أهم أحفاد الملك عبدالعزيز للجيل الثاني من الأحفاد.. ولد عام 1950م وتلقى تعليمه الأولي في معهد العاصمة النموذجي المعهد الذي أسهم في تخريج عدد من أصحاب السمو الملكي وأصحاب السمو الأمراء وعدد من المسؤولين على مدى 90 عاماً الماضية، ومن ثم تلقى تعليمه العالي في الاقتصاد والعلوم السياسية من جامعة كاليفورنيا بالولايات المتحدة التي أضفت على حصيلته العلمية والمعرفية.
السمات الشخصية
حظى الأمير محمد بن فهد بمكانة عالية لدى الأسرة المالكة وأفراد الشعب السعودي، ونال تقدير كل من تعامل معه وذلك بفضل أنه كان يتسم بالأخلاق العالية والتواضع وحسن تصرف وقوة البصيرة والحكمة، وحبه لمساعدة الجميع ودعم أصحاب العقول النيرة والمواهب الشابة وأصحاب الهمم في كافة المجلات كما عرف عنه الحرص الشديد لإتقانه لعمله جامعاً لأهم صفتي القيادة ألا وهما الحلم والحزم.
البداية العملية
«فارس نهضة المنطقة الشرقية» صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن فهد، بعد رجوعه من الولايات المتحدة الأمريكية جاء متسلحاً بالعلم والمعرفة وروح الشغف لخدمة بلاده، فبدأ العمل بالقطاع الخاص وساهم في تنفيذ عدد من المشاريع التي أسهمت في تنمية القطاعين العام والخاص؛ ليكسب ثقة القيادة ويتم تعيينه في أول منصب حكومي له وهو منصب مساعد نائب وزير الداخلية، حتى نال الثقة الملكية في أن يتم تعينه «أميراً للمنطقة الشرقية» في عام 1985 للميلاد.
المنطقة الشرقية قبل 1985م
المنطقة الشرقية في تلك الحقبة كانت بحاجة إلى قفزات تنموية وإلى عمل جاد لتكون بيئة خصبة لجميع مناحي الحياة، فكان لابد من وجود قائد فذ يحول الخطط إلى حقيقة وينهض بالمنطقة والإنسان ويحقق تطلعات القيادة ورضا المواطنين.
نهضة المنطقة الشرقية 1985م
وضع فارس نهضة المنطقة الشرقية» لبنة حجر الأساس لتنمية مدن ومحافظات وهجر المنطقة، ورسم عدة خطط من أجل الإصلاح الإداري والتنفيذي واستطاع أن يكون فريقاً مهنياً عالياً وذلك بفضل ضمه لأبرز الكفاءات البشرية في إمارة المنطقة الشرقية وفي الأمانات والدوائر الحكومية الأخرى لتطوير الخدمات وسبل الراحة للمواطن والمقيمين.
كما ساهم «فارس نهضة المنطقة الشرقية» في أن جعل المنطقة الشرقية تتصدر من بين المناطق الأخرى في زيادة المشاريع لكافة الأنشطة والمناحي التجارية والصناعية في المملكة العربية السعودية كصناعات النفطية وصناعة الألومنيوم والبتروكيماويات والمواد الخام وأجهزة التكييف والأجهزة الكهربائية؛ مما أسهم في زيادة تعداد السكني للمنطقة الشرقية وذلك لتوافر الفرص الوظيفية وكونها رافداً تجاريًا وصناعيًا مهمًا للمملكة العربية السعودية.
وبنظرة تستشرف المستقبل جعل من منطقة الدمام والخبر محطتي جذب سياحي على مستوى منطقة الخليج حتى أن هاتين المدينتين فقط نافستا في جودة الحياة بها الدول الخليجية الشقيقة، وهذا الإنجاز لا يستطيع أن يحققه إلا قائد استثنائي وشغوف ومحب لعمله ووطنه.
كما جسد سياسة «الباب المفتوح» في استقباله للجميع دون تفرقة واستطاع أن يحفز رجال الأعمال والشركات الاستثمارية في أن تسهم بمشاريع تخدم المنطقة الشرقية، كما نفذ وتابع العديد من المشاريع التي نهضت بالمنطقة بشكل كبير وفي وقت قياسي.
«أزمة الخليج»
في عام 1990، اجتاحت القوات العراقية الكويت وكان للأمير محمد بن فهد دور مهم وبارز، حيث تولى بنفسه مهمة نقل أمير الكويت الراحل الشيخ جابر الأحمد الصباح بعد خروجه من دولة الكويت ووجه بتقديم التسهيلات الكاملة لشعب الكويتي وتذليل أي صعوبات لهم.. وقد ذكر ذلك الشيخ العميد فهد الصباح - سلمه الله - كيف وجدوا الأمير محمد بن فهد يتابع شخصياً جميع أمور الشعب الكويتي والأسرة الحاكمة بالكويت حتى تم تحرير الكويت.
محمد بن فهد وتنمية الإنسان
حرص الأمير محمد بن فهد على تنمية الإنسان أينما كان، وقدم الدعم اللازم لجميع المحتاجين، وكان حريصاً على شرائح المجتمع كافة وإطلاق العديد من المبادرات الإنسانية والاجتماعية.
- أنشأ مؤسسة الأمير محمد بن فهد للتنمية الإنسانية لتعزيز العمل الإنساني على مستوى العالم العربي.
- أسس جامعة الأمير محمد بن فهد التي تميزت بتقديم تعليم مميز وحديث مدعم بالكفاءات الأكاديمية العلمية في جميع التخصصات، وجعلها أحد أهم وأبرز الجامعات في المنطقة كافة.
- أسس مشروع الأمير محمد بن فهد للإسكان الميسر الذي يهدف لتوفير مساكن للأسر المحتاجة، بعدد من مناطق المملكة، وذلك ضمن برنامج «الرعاية الشاملة للأسر الأكثر احتياجًا، والعديد من المبادرات والبرامج الإنسانية.
الجوائز
- حصل الأمير محمد بن فهد على العديد من الجوائز كما ساهم في إطلاق العديد من الجوائز التي تحفز المجتمع للإنجاز والنجاح، وسوف أذكر البعض من الجوائز التي حصل عليها والجوائز التي أنشأها - رحمه الله -.
- حصل على وسام الكويت من الطبقة الممتازة من سمو أمير دولة الكويت الراحل الشيخ جابر الأحمد الصباح بعد تحرير الكويت؛ تقديراً لمواقفه المشرفة لدولة الكويت.
- كما حصل برنامج الأمير محمد بن فهد لتنمية الشباب، على جائزة دبي - الأمم المتحدة العالمية لأفضل الممارسات في تحسين الظروف المعيشية، والعديد من الجوائز.
كما وجه بإنشاء العديد من الجوائز وهي:
- أطلق جائزة الأمير محمد بن فهد بن عبدالعزيز لأفضل أداء خيري.
- أطلق جائزة الأمير محمد بن فهد بن عبد العزيز للأداء الحكومي.
- أطلق جائزة الأمير محمد بن فهد بن عبد العزيز للتفوق العلمي.
- أطلق جائزة الأمير محمد بن فهد بن عبد العزيز لدعم وتوظيف ذوي الاحتياجات الخاص، والعديد من الجوائز.
وفي الختام.. لا نستطيع ذكر كل مناقب الفقيد، فنحن بحاجة إلى مجلدات وأيام، ولكن أحببت أن أستذكر معكم في مقالي بعضاً من هذه الجهود والإنجازات التي ما هي إلا قليل من كثير، من عطاء سموه - رحمه الله -. وإن هذا المقال ما هو إلا شيء من واجبنا تجاه تلك الشخصية العظيمة التي حظي بها وطننا الغالي.
رحم الله صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن فهد رحمة واسعة وأسبغ عليه من شآبيب رحمته.. سائلاً الله أن يجعل ما قدمه لوطنه ولأمته في موازين حسناته.