أ.د.عثمان بن صالح العامر
حقق المعلم في مدرسة سعود بن جلوي بالأحساء، سعادة الأستاذ: منصور بن عبدالله المنصور جائزة أفضل معلم في العالم التي تمنحها (مؤسسة فاركي بالتعاون مع اليونسكو)، من بين 5000 معلم من 89 دولة تقدموا للمنافسة على الجائزة. وكان مقدار الجائزة، مليون دولار، بما يعادل (3.750.000) ريال سعودي.
إنني في الوقت الذي أبارك للوطن (قيادة، ووزارة، وإدارة تعليم، ومدرسة) هذا الإنجاز، ولسعادة الاستاذ منصور هذا التفوق الفريد، والتميز الأكيد الذي شرف فيه أسرة التعليم السعودي قاطبة، أذكر في هذه المناسبة التاريخية السعيدة بما سبق وأن سطرته الأبحاث والدراسات والمقالات الوطنية المتخصصة بالمجال الأكاديمي من أن رأس الأمر وعموده، وأهم ركيزة في تعليم القرن الحادي والعشرين، ومن يعول عليه صناعة الفارق التعليمي، وتحقيق جودته، وتغير بوصلته بما يتواكب مع متطلبات المرحلة وفي ذات الوقت يحافظ على منطلقاتنا العقدية ويحمي قيمنا الإسلامية هو (المعلم) الذي يمتلك العلم التخصصي، والمعارف العامة، ويتمثل القيم الصحيحة، ولديه مهارات التأثير والإقناع، ويجيد فن إيصال المعلومة بانسيابية وسلاسة مهما كانت المادة صعبة ومعقدة، وهو في شخصه قدوة متميزة، ونموذج رائع يحتذى به ويحاكى بأفعاله قبل أقواله من قبل طلابه الذين أحبوه مربيا ومعلما في ذات الوقت، يحقق العدل التعليمي، ويجعل نصب عينه تربية جيل إسلامي/ وطني يعي رسالته في الحياة، ويدرك دوره المستقبلي إزاء نفسه ووطنه. وهذا لا يتأتى بالتمني والرجاء بل لا بد من شعور المعلم بشرف المهنة وعظم المسؤولية، والحرص على استمرار التطوير الذاتي وذلك بمواصلته القراءة التخصصية والتربوية، وتنمية المهارات الذاتية، والاطلاع على الجديد من النظريات التعليمية، والمشاركة في المؤتمرات التربوية، وحضور الدورات التدريبية، واللقاء التثقيفي، وحلقات النقاش التخصصية، التي تنمي ملكاته الشخصية، وتعزز قدراته التراكمية، وهذا جزء مما دأب عليه سعادة المعلم منصور طوال أعوام خدمته التدريسية.
البعض من أفراد هذه الشريحة الغالية - أعني المعلمين - التي ورثت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أشرف مهنة على الإطلاق لا تولي مهنتها اهتمامها الواجب، وربما عدتها مجرد وظيفة وليست رسالة مع الأسف الشديد، مع أنها تتعامل مع الفكر الذي هو محور البناء الإنساني لمن هم في مرحلة التكوين، ومسؤولية من هم في الميدان داخل أسوار مدارسنا تجمع بين البناء العقلي والروحي والقيمي والمهني بل وحتى الجسدي البدني.
إن المسؤولية اليوم تقع على كاهل المعلم بصورة مباشرة فقنوات تطوير الذات متاحة وسهل الوصول إليها، والوزارة تدفع وتحفز، وأبناء الوطن فلذات أكبادنا يستحقون من كل معلم ومعلمة بذل جهدهم من أجل إخراج جيل قادر على صناعة مستقبل أفضل لهذا الكيان العزيز المملكة العربية السعودية. ولا يعني التركيز على المعلم التقليل من شأن بقية العوامل والمؤثرات التي يحتاجها التعليم العام وتؤثر في جودته، وتقوي من فاعليته التنموية والنهضوية ولكنها كلها في نظري تبع، وأثرها أقل بكثير من أثر المعلم في العملية التعليمية، ودمت عزيزا يا وطني، وإلى لقاء قادم مع نموذج سعودي/ عالمي جديد في مجال حيوي آخر، والسلام.