فضل بن سعد البوعينين
تُعَد قضايا حقوق الإنسان من القضايا المهمة التي تُعنى بها المملكة، وتهتم باستكمال منظومتها التشريعية والتنفيذية، تحقيقا للمتطلبات الشرعية والإنسانية، وأمن المجتمع، والمساهمة في جهود حماية الحقوق الشخصية ومكافحة الجرائم على المستوى المحلي والإقليمي والدولي.
وبعد أن أتمت الحكومة منظومة التشريعات المحققة للأهداف الحقوقية، سارعت في استكمال منظومتها التنفيذية، وتحديد الجهات المعنية بتنفيذ أنظمة حقوق الإنسان، والأمن المجتمعي ومكافحة جرائم الاتجار بالأشخاص، التي تعتبر أحد أهم القضايا الحقوقية، يؤكد ذلك توجيهات سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز باستحداث وزارة الداخلية لإدارة عامة للأمن المجتمعي ومكافحة جرائم الاتجار بالأشخاص، وبما يسهم في تعزيز كفاءة منظومة العمل الأمني بشكل عام ومنظومة مكافحة الجريمة على وجه الخصوص، وتحقيق متطلبات حقوق الإنسان ومكافحة الاتجار بالبشر، وبخاصة الأطفال والنساء.
يتطلب استكمال البيئة التشريعية وجود مرجعيات وجهات تنفيذية قادرة على تفعيل الأنظمة، ومتابعتها على أرض الواقع، وتحقيق مستهدفاتها الشرعية والإنسانية، والقانونية.
إنشاء إدارة عامة للأمن المجتمعي ومكافحة جرائم الاتجار بالأشخاص، ستسهم في تعزيز أمن المجتمع وسلامته ومكافحة جريمة الاتجار بالبشر، والحد من الجريمة والوقاية منها وحماية ومساعدة الضحايا، وفق نظام وطني ومنظومة أمنية شاملة.
كما أنها ستحقق المتطلبات الحقوقية الدولية ومستهدفات المؤشرات الاستراتيجية ذات العلاقة برؤية السعودية 2030 وبرامجها المهمة، ومنها برنامج جودة الحياة، الذي يعزز الثقة في الخدمات الأمنية المقدمة للمواطن والمقيم والسائح.
ومن جهة أخرى فالأمن المجتمعي، الذي تتحقق من خلاله جودة الحياة، من متطلبات قياس المؤشرات المحددة لأفضلية المدن عالميا، حيث تسعى المملكة لتصنيف 10 مدن سعودية ضمن أفضل 50 مدينة عالمية. تحقيق أمن المجتمع، من خلال الأنظمة، والمرجعيات الأمنية، ينعكس إيجابا على حركة السياحة وتدفق الاستثمارات، والتنمية عموما. حيث يعتبر الأمن بمفهومه الشامل، والأمن المجتمعي على وجه الخصوص، قاعدة للاقتصاد، ومن محفزات جذب الاستثمارات الأجنبية الباحثة عن العوائد والأمان الاستثماري.
إنشاء إدارة عامة للأمن المجتمعي ومكافحة جرائم الاتجار بالأشخاص سيسهم في تحقيق التعاون الأمثل، والشراكات الأمنية مع الجهات الوطنية والدولية ومحاربة الجريمة المنظمة والعابرة للحدود، والتعامل باحترافية مع جرائم الاتجار بالبشر، ومنها التسول والعمل بالسخرة، أو الخدمة قسرا. فقضايا التسول، على سبيل المثال لا الحصر، يمكن أن تنضوي على جرائم عدة، ومنها سرقة الأطفال، وتهريبهم، واستغلالهم في التسول، أو التحرش بهم، أو بيع أعضائهم لمافيا الأعضاء البشرية، واستغلال النساء، وإرغامهن على ممارسة أعمال محرمة، من قبل العصابات المنظمة، أو الأفراد.
التسول المُنظم يقف خلف عدد من جرائم خطف الأطفال، تهريب البشر، إحداث الإعاقة المتعمدة بهدف الاستعطاف، الابتزاز، والتحكم في مصير الضعفاء ما يجعلهم في دائرة العبودية. ويقود في بعض الأحيان إلى ازدهار تجارة الرقيق، والأعضاء البشرية، وهي تجارة رائجة بدأت تظهر في بعض الدول الغربية و العربية.
أجزم بأن إنشاء إدارة عامة للأمن المجتمعي ومكافحة جرائم الاتجار بالأشخاص سيسهم في القضاء على كثير من الجرائم البشعة، وسيحمي المجتمع من الظواهر السلبية، وسيحقق الحماية للأطفال، الفتيات، النساء والمستضعفين ممن سلبت حقوقهم الشخصية وحرياتهم الأساسية بالقوة والإكراه.