علي الخزيم
= لم تكن الأسطر التالية الأولى ولا الأخيرة للإشادة بمنجز الأديبة الأستاذة (سارة بنت عبد الله بن محمد الخزيم) بمؤلفاتها الأدبية بمجملها لا سيما الموسوعة التأريخية التي ضمّت تدوينات الرَّحَّالة الذين جابوا أنحاء جزيرة العرب ورصدوا معالمها وآثارها وآدابها شعرًا ونثرًا؛ كما تحدثوا عن قبائلها وتراثهم من عادات وتقاليد؛ ومفاخرهم بالشجاعة والكرم وإغاثة الملهوف والإيثار والنظرة الرحيمة تجاه الأرملة واليتيم والمسكين ونحوهم؛ وهي سجايا حميدة جليلة تَحَلَّى بها عرب الجزيرة وجاء الإسلام العظيم ليتممها ويؤكد عليها كنهج إنساني قويم تندب إليه الشريعة الإسلامية.
= تناولت الأستاذة سارة الخزيم (صاحبة صالون سارة الثقافي بمحافظة الخَرْج قُرب العاصمة الرياض) ضمن مؤلفاتها وتدويناتها المرأة الرحالة وقضاياها بموسوعة الرحلات إلى شبه الجزيرة العربية مِمَّن رَصَدن بمراحل رحلاتهن للمنطقة التطور المتنوع كالاجتماعي والسياسي والعمراني لشبه الجزيرة العربية، ويشار إلى أن أهل الاختصاص قد وصفوا (موسوعة الرحلات إلى شبه الجزيرة العربية عبر التاريخ) التي جمعتها وأعدتها الأستاذة سارة: بأنها من أشمل الموسوعات وأكملها في عرض مادة الرحلات إلى شبة الجزيرة العربية؛ وجاءت مدعومة بِكَمٍّ زاخر من المصادر والمراجع العربية والأجنبيّة؛ وزيَّنته وزادت من موثوقيته جُملة وافرة من الصور من مصادر متخصصة متعددة.
= حين يَبرُز بيننا أديب أو شاعر أو مُبدع بأي فن من الفنون والصناعة والطب والتجارة وغيرها وتكون له بصمات مُنيرة يخدم بها وطنه ومواطنيه وجذوره التاريخية العربية الأصيلة ويُظهرها للعالم كنبراس يُنِير آفاق المعرفة ويرفع راية الدين والوطن والمنجز الحضاري (طارِفِه وتَلِيدِه) مفاخرًا به أقطار الكرة الأرضية: فإن المبادرة والمسارعة لتقديره والثناء عليه وعلى مُنجزه وصَنِيعه يندرج بإطار الواجب الأدبي والعُرف الأخلاقي من المتابعين الأفراد؛ أمّا على المستوى الرسمي فلا أخال مؤسساتنا المَعنية إلَّا أن تسجل كلمتها بهذا الشأن.
= من حق كل مبدع ومُتفوق بصناعته وفنه علينا الإطراء والإعجاب ونشر خبره وصِيته ما أمكن عبر وسائل التواصل الاجتماعي والتدوينات والمقالات الصحفية ونحوها؛ فهذا كل ما يريده منا كمتابعين ومُعجبين بحجم إنجازه وإبداعه وتفوقه؛ دون نبش وتدقيق بأي جانب آخر من جوانب حياة ونشأة المبدع - أيًا كان - والحديث عن بعض طباعه الشخصية؛ فذاك مِمَّا يُعيق خطواتهم ويُثَبّط عزيمتهم عن الإنجاز وجميل العطاء من كل جديد مفيد.
= أقول هذا على صَدَى ما يُسمَع ببعض المجالس من تجاوز الثناء على المُنجَز الإبداعي؛ حين يَحِيد بعض المتحدثين بكلامه ليتناول مَثالِب المُبدِع ذاته؛ ويتشعَّب حديث بعض الجُلساء ليفتح صفحات - قد تكون مزعومة أو مكذوبة - من حياة النّجم المضيء المبدع الذي أفنى الكثير من جهده ووقته وماله ليُقدّم لنا هذا المنجز أو ذاك الابتكار؛ أو تلكم الأفكار النَّيِّرة التي تقود الفرد والمجتمع لحياة فكرية ومعيشية أفضل، فمِمَّا يُعاب على بعض النُّقاد بالمجالس تحديدًا التّطرق لما يريد أن يُشوّه به النظرة للمبدعين وأصحاب المشروعات الأدبية الفكرية وغيرها! لماذا؟ الجواب بنظري يُستَمد من معنى قول الحُطَيئة:
(أَقِلّوا عَلَيهِم لا أَبا لِأَبيكُمُ
مِنَ اللَومِ أَو سُدّوا المَكانَ الَّذي سَدّوا).