رسيني الرسيني
20 سنة من عمر الإنسان طويلة جدًا، بينما من عمر الزمن لا شيء، وكذلك من عمر بعض الصناعات تعتبر قليلة، مثل صناعة التأمين التي بدأت قبل مئات السنين في بعض الدول. إلا أن في المملكة هذه المدة في تنظيم صناعة التأمين كانت كافية لجعله متقدماً مقارنةً بأسواق المنطقة التي بدأت قبل المملكة بعشرات السنين. ويعود هذا التقدم إلى أمرين: أولهما ما أردده دائمًا أن التأمين مرآة لاقتصاد السوق، والأمر الآخر هو الجهود التي بُذلت من البنك المركزي سابقًا والجهود التي تبذل من هيئة التأمين حاليًا.
قبل صدور نظام مراقبة شركات التأمين، كانت أنشطة التأمين تتم من خلال وكالات لشركات مسجلة في خارج المملكة، ومن ثم تأسست عدة شركات داخل المملكة في بداية السبعينات، تلاها صدور نظام الضمان الصحي والتأمين على رخص السائقين في بداية الألفية، حتى صدور النظام في عام 2003م الذي حدد الإطار العام لممارسة التأمين والجهة المسؤولة عن تطبيق النظام وهو البنك المركزي - مؤسسة النقد آنذاك- الذي عمل على وضع اللوائح والقواعد لممارسة المهنة، وكثف العمليات الاشرافية والتفتيشية للقضاء على بعض الممارسات غير المهنية.
ومنذ ذلك الحين، بدأت معالم قطاع التأمين السعودي بالتطور في جميع النواحي، من أهمها حجم السوق الذي ارتفع من حوالي 5 مليارات ريال في عام 2005م إلى ما يزيد عن 65 مليار ريال في عام 2023م. بالإضافة إلى ارتفاع مساهمة التأمين من الناتج المحلي الإجمالي من 0.02 % فقط في عام 2005م إلى 1.64 % في عام 2023م والمستهدف أن تصل نسبة مساهمة القطاع من الناتج المحلي غير النفطي إلى 4.3 % في عام 2030م، بمعنى أن حجم قطاع التأمين سيزيد إلى أكثر من 200 مليار ريال.
وبالنظر إلى عدد العاملين في القطاع، فقد ارتفع من حوالي 4,600 موظف في عام 2008م إلى أكثر من 10,600 موظف في عام 2023م ووصول نسبة السعوديين العاملين فيه إلى 79 %، كما ارتفعت نسبة توطين المناصب القيادية إلى 69 % مما يؤكد حجم الاستثمار في الكفاءات المحلية. كما شهد القطاع نقلة نوعية في أتمتة الأعمال ولعل أبرزها هو إيقاف الدفع النقدي الذي لعب دورًا مهمًا في الحد من عمليات الاحتيال، ورفع كفاءة تنظيم السوق وسهولة مراقبته، كما أن الأتمتة رفعت من مستوى خدمة المستفيد النهائي، منذ شراء الوثيقة إلى تقديم المطالبة ومتابعتها.
حسنًا.. ثم ماذا؟
مما لا شك فيه وجود عدد من الأمور التي لا زالت في مرحلة التطوير وأخرى يجب معالجتها وسد ثغراتها وهو أمر طبيعي في أي مجال، إلا أنه لقياس تطور أي شيء يجب الإجابة على: كيف كان وكيف أصبح الآن؟