خالد بن حمد المالك
حاول حزب الله أن يختبر رد فعل الرئيس اللبناني جوزيف عون والحكومة اللبنانية برئاسة نواف سلام، فظهر مدافعاً عن إيران، بقطع الطرق، وإشعال النيران، والاعتداء على المارة، والحيلولة دون الوصول والخروج من مطار بيروت، مظهراً مشهداً يؤكد فيه أنه لا زال يتمتع بجزء غير قليل من قدرته على إفساد الاستقرار في لبنان.
* *
جاء هذا الفعل غير المقبول لبنانياً وإقليمياً ودولياً إثر منع طائرة إيرانية من الهبوط في مطار لبنان، على أثر ما قيل بأنها تحمل مبالغ مالية لحزب الله، وأياً كانت المبررات فإن السلطات اللبنانية هي من يقرِّر الأسباب لمنع الطائرة من النزول، وهي صاحبة المسؤولية والصلاحية حكراً وحصراً في التعامل مع ذلك وفقاً للسيادة اللبنانية، ولا يحق لحزب الله أن يعترض على ذلك بافتعال أزمة، وممارسة التخريب، وترويع المواطنين.
* *
كان رد الحكومة حازماً وقوياً، بما لم يعتد عليه حزب الله حين كان في كامل قوته قبل أن تقص إسرائيل جناحيه، وقبل أن تؤول مسؤولية إدارة البلاد إلى رئيس وحكومة تختلف مواقفهما عن الرئيس والحكومة السابقة التي كانت مهادنة ومجاملة، وإن شئت فقل متعاونة، إما خوفاً أو ضعفاً أمام حزب كان يسيطر على مفاصل الدولة.
* *
تم فضَّ الاعتصام لحزب الله بالقوة، وتفريغ الشوارع من المتظاهرين بحزم، وتعامل الجيش مع عناصر حزب الله بما تقتضيه مسؤولياته في الحفاظ على الأمن والاستقرار في البلاد، مؤكداً أن مسؤولية ذلك حصراً به، وليس لحزب الله الحق بأن يشاركه في ذلك.
* *
منعت السلطات اللبنانية طائرات إيرانية أخرى من الهبوط، ولم يترك موقف حزب الله أي أثر في تغيير الموقف الرسمي الحكومي، إذ جاءت تصريحات المسؤولين اللبنانيين حازمة في عدم التساهل مع أي خروقات للتعليمات وقوانين الطيران المدني، مما اقتضى بالحكومة اللبنانية لأن تأخذ بقرار منع هبوط الطائرات الإيرانية إلى حين.
* *
ومع هذه التطورات جاء رد الفعل السعودي حازماً وصريحاً، مؤيِّداً ومسانداً لما اتخذته الحكومة اللبنانية من تطهير الشارع اللبناني من متظاهري حزب الله، والتأكيد على دعم الرئيس اللبناني ورئيس الحكومة والطيران المدني في كل ما اتخذوه من قرارات لإعادة الأمن والاستقرار في البلاد.
* *
وفي بيان مجلس الوزراء الذي سوف يُعرض على مجلس النواب للمصادقة عليه، ضمن متطلبات الموافقة على التشكيل الوزاري، كان أبرز ما فيه حصر حق تحرير الأراضي اللبناني المحتلة بالدولة اللبنانية وليس باللبنانيين كما كان ذلك يحدث في بيانات الحكومات السابقة، كما نصَّ البيان على أن السلاح محصور بالجيش، وقد كانت بيانات الحكومات السابقة لا تنص على ذلك.
* *
هذه التطورات المتسارعة بالمشهد اللبناني لا تزال في بداياتها الإيجابية، وما هو متوقع في المستقبل أن يشهد لبنان استقلالية كاملة في القرار، وإنهاء التدخلات الأجنبية، وجعل نشاطات الأحزاب والتكتلات قاصرة على العمل السياسي، بعيداً عن الاستقواء بالسلاح الحزبي المنفلت، ما يجعل البلاد على موعد يُصحح فيه أخطاء الماضي، ويمنع فيه التدخل الأجنبي في شؤونه، ضمن إصلاحات واسعة تشمل القضاء على الفساد، ومحاسبة المجرمين، وتحسين الوضع الاقتصادي، والعودة إلى محيطه العربي، بعد أن غرَّد طويلاً لإملاءات القوى الأجنبية.