خالد بن عبدالرحمن الذييب
أخطر مرحلة يمر بها الإنسان هي مرحلة منتصف العمر، ففي هذه المرحلة غالباً يبدأ الإنسان سواء كان رجلاً أو امرأة بالتأمل في حياته الماضية، منتظراً المقابل أو المكافأة لما بذله من شريكه أو المجتمع المحيط به عاجلاً غير آجل، متناسياً أن المقابل في الآخرة وليس في الحياة الدنيا، فالدنيا دار عمل والآخرة دار جزاء.
شخصية «إيلا» في «قواعد العشق الأربعون» مثال لذلك، فهي عاشت امرأة كما يُراد لها أن تكون أو بمعنى أدق كما يريد لها المجتمع أن تكون، أخذت معايير المجتمع وفصّلت نفسها لتكون ملائمة لهذه المعايير، معتقدة أنها إذا لبست معايير المجتمع ستجد المقابل من شريكها، ولكن عندما خذلها الشريك اتخذت طريقاً آخر حتى وجدت رجلاً يشبع غرور أذنيها، فالمرأة في هذه المرحلة بالذات ترغب من يشبع أذنها والرجل يريد من يشبع عينيه!.
امرأة الأربعين، ورجل الأربعين، كلاهما يبحث عن الجائزة عن المقابل لقاء حياته الماضية، كلاهما يعتقد أنه قدّم الكثير فيريد التقدير، أياً كان شكل هذا التقدير، وهذه المرحلة أظنها أخطر من المراهقة، فعند أي خطوة في سن المراهقة أو مغامرة عاطفية شرعية كانت أم غير شرعية، تعزي نفسك بأن القادم أجمل ـ وهذا ليس تبريراً للأخطاء فالخطأ خطأ والمعصية معصية، ولكن تحليل لوضع فقط ـ أما في سن الأربعين فأنت مقيد بقيد الأربعين وما بعدها. الإشكالية أن البعض ينظر إلى الماضي، وما فعله من خير، أو هكذا يظن، ويقارنه بالمقابل الحالي في حياته، ويعتقد أن الحياة لم تنصفه، وأن الحاضر لم يكن كما رسمه لنفسه، فيذهب إلى خيارات ومغامرات غير مسبوقة.
لذلك لا ترفع سقف الطموح، وتتوقع المقابل الذي تستحقه، فالحياة لم توجد للإنصاف، فأحياناً نفعل كل شيء ولكن ما يقُدّر شيء مختلف، بل إن ما قُدّر قد يكون أفضل مما كنت تتمنى أو تتوقع، والأهم من ذلك، من قال لك إن ما فعلته في حياتك الماضية يستحق التقدير، فظنك عن نفسك ليس ملزماً أن يكون صحيحاً، فربما كان هذا حقك الطبيعي.
لا ترفع سقف الطموح واعلم أن الحياة ليست إلا «دقائق وثواني» كما قال شوقي، وأن هذه الحياة مهما عمّرنا فيها بأفراحها وأحزانها، جميلها وقبيحها، انتصاراتها وانكساراتها ليست إلا «يوماً أو بعض يوم».
أخيراً...
عش حياتك كما تشاء، وافعل ما تشاء، ففي النهاية لا شيء يستمر، ولا شيء يستحق البكاء عليه.
ما بعد أخيراً...
لا ترفع سقف الطموح وتنتظر المقابل من أحد، ولكن ارفع السقف، وانتظره من الحي الذي لا يموت.