د.محمد بن عبدالرحمن البشر
هناك أكثر من قضية جدلية طرحها الرئيس الأمريكي الجديد القديم ترامب، أثارت الكثير من التساؤلات عن مدى جديته فيما طرح، ومن تلك القضايا: العدوان على غزة، وانضمام كندا إلى الولايات المتحدة الأمريكية لتكون الولاية الواحدة والخمسين، والناتو، ومسمى خليج المكسيك، وبنما، وجرينلاند، والحرب في أوكرانيا، والضرائب الخارجية، والتعرفات الجمركية، وتهديد من يتعامل بغير الدولار بما فيهم مجموعة بريكس.
وبسبب الحيرة في معرفة الأسباب التي دعته إلى طرح تلك القضايا المثيرة للجدل، أخذ المحللون يرمونها هنا وهناك لعل أحدها يصيب، لكن كما يقال المعنى في قلب الشاعر، وإن شئت ففي عقلية الرئيس ونفسيته وأيدلوجيته، هناك من علل ذلك بأن غايته استخدام الصدمة، وطرح أقصى ما هو غير ممكن للحصول على أعلى شيء ممكن، وهذا في رأيي تعليل غير مناسب لكون طروحاته شعبوية وأيدولوجية، وأيضاً تتماشى مع توجهات قوى داخلية فاعلة يتسابق الجميع على إرضائها، كما أنه يغلب على طروحاته الهوى، والعلاقات الشخصية أحياناً، وهناك من يقول إنه تاجر متمرس في عمل الصفقات؛ لهذا فهو يريد أن يصل إلى مبتغاه من خلال التفاوض باستخدام السلاح الناعم القوي والفعال، وهو العقوبات الاقتصادية، بدلاً من إراقة الدماء، ويستشهدون على ذلك بكتابه المنشور عن كيفية إدارة الصفقات. وآخرون يرون أن لديه الحق في بعض القضايا، ولاسيما الإنفاق على الناتو ونسبة المشاركة الأوربية فيه، وأيضاً الحاجة إلى تخفيف العجز التجاري بين الولايات المتحدة وشركائها التجاريين الحلفاء والمنافسين، لكنهم يعجزون تماماً عن وجود أي تبرير عقلاني أو أخلاقي أو قانوني عن طرحه حول غزة، وكندا.
الرئيس ترامب ليس غريباً عن الساحة السياسية، ومعظم الأسماء التي تعامل معها سابقاً مازالت في السلطة، مثل رئيس كندا، والصين، وروسيا، ونتنياهو، وجنوب أفريقيا، ومصر، والأردن، وغيرهم، ولهذا فقد درسوا وأدركوا بعضاً من أفكاره، مثل موضوع الناتو القديم الجديد، وأيضاً الموقف من الصين، وموقفه من فلسطين حيث اعترف بالقدس عاصمة لإسرائيل مخالفاً القانون الدولي، كما أيد استيلاء إسرائيل على هضبة الجولان واعترف بها كأرض إسرائيلية مخالفاً بذلك القانون الدولي وموقف الأمم المتحدة وموقف جميع دول العالم، ما عدا دولة أو دولتين ليس لهم تأثير، وأيضاً تململه من العجز التجاري، لكن طرحه الجديد أضاف تهجير أهالي غزة، الذي كان يمكن ألا يطرحه ويترك أمره لإسرائيل حتى يكون النقد واللوم والاستهجان عليها بدلاً منه، وهو ما فعله لاحقاً بتغيير سياسته وطرح فكرة يذكر فيها بأنه يؤيد إسرائيل بأي قرار تتخذه، لكن ذلك بعد فوات الأوان والتصاق الأمر به، وبعد أن عرف العالم أنه صاحب الفكرة، كما أضاف الطرح الجديد للرئيس ترامب انضمام كندا إلى الولايات المتحدة، وهو يعلم أنه غير واقعي في الظروف الحالية، كما طرح تغيير مسمى خليج المكسيك وفعل، وأيضاً ضغطه على بنما لإلغاء اتفاقها مع الصين بما يسمى طريق الحرير، وقد فعلت خشية الغزو الذي هدد به، وكذلك موقفه من الحرب في أوكرانيا وهو أمر لم يكن موجوداً في فترة رئاسته الأولى، وقد خالف في موقف سلفه بايدن والاتحاد الأوربي في الدعم المطلق لأوكرانيا، واختار السلام منهجاً مع أن يكون سلاماً يأخذ بعين الاعتبار الواقع على الأرض، وبيده سلاح العقوبات لجعل الطرفين يتنازلان عن بعض مطالبهما.