د. حمد بن دباس السويلم
يشكل يوم الثاني والعشرين من فبراير عام 1727م يوماً ماجداً لبداية مباركة جمعت فيه الكلمة ووحد فيه الصف، وبزغ منه نور الألفة والوئام في المجتمع وانطفأت فيه نار الفتنة والشقاق والخلاف، وبدأت صفحة جديدة من الأمن والاستقرار وتشكيل ملامح الدولة الحديثة في الجزيرة العربية لأول مرة.
مرور هذه الذكرى العطرة في كل عام يمثل حدثاً عظيماً ومناسبة سعيدة وذكرى مهمة في تاريخ المملكة العربية السعودية، حيث يرمز هذا التاريخ إلى تأسيس الدولة السعودية الأولى على يد الإمام محمد بن سعود - رحمه الله - كأبرز بادرة للوحدة ونظام الحكم المؤسسي في المنطقة بعد عقود من النزاع والشتات والتفرقة والتناحر.
وقد شكل تأسيس الدولة السعودية الأولى مرحلة مفصلية ومنعطفاً تاريخياً فارقاً في مسيرة الجزيرة العربية بأكملها، إذ اشتملت الحياة الجديدة - غير المألوفة - على توحيد الأرض وحمايتها، وتوحيد المجتمع وتضامنه، وسيادة روح الأمن والاستقرار والطمأنينة والأمان، وكذلك الاستقرار السياسي والاقتصادي والثقافي، وهذا يعكس بعد نظر الإمام محمد بن سعود الذي أحدث نظاماً جديداً في المنطقة بأسرها.
ومنذ التأسيس، أصبحت الدولة السعودية الأولى تحكم بحاكم واحد ونظام حكم سياسي وإداري وقضائي ولها جيش واحد، وعرف مواطن الجزيرة العربية مفهوم سيادة الدولة ونظام الحكم المؤسسي، وضبط الأمن، والإدارة المنظمة والاقتصاد بأبعاده المختلفة.
إن ما تشهده المملكة العربية السعودية اليوم من إحراز مكانة مرموقة ضمن المنظومة العالمية وما تسهم به من جهود في حفظ الأمن والسلم الدوليين ومكافحة الظواهر السالبة وتعزيز الاقتصاد العالمي، وتأمين إمدادات الطاقة والإسهام في حماية البيئة والمناخ وغيرها من الإسهامات إنما هي ثمرة من ثمار الجهود التي بذلها أئمة الدولة السعودية الأولى وامتداد لتاريخ المملكة العربية السعودية العريق منذ تأسيس الدولة الأولى، ومروراً بقيام هذا الكيان العظيم المملكة العربية السعودية على يد الملك المؤسس عبد العزيز آل سعود - رحمه الله -.
حقاً إن هذا التاريخ 22 فبراير من كل عام ينبغي ألا يمر مثل أي تاريخ آخر لأنه يرمز إلى الجهود الكبيرة التي قادها الإمام محمد بن سعود والإنجازات السياسية التي حققها برفقة رجاله الأوفياء الذين عملوا بإخلاص لأجل بناء هذا الكيان السياسي العميق بجذوره التاريخية برغم المصاعب والتحديات التي واجهته في البدايات داخلياً وخارجياً.
وعلى ذات النسق سارت الدولة السعودية الثانية ومن ثم قيام المملكة العربية السعودية على يد الملك عبد العزيز آل سعود الذي وحد الأرض والإنسان ووضع منهج هذه البلاد المباركة على كلمة التوحيد وشرع الله، وعلى نهجه سار أبناؤه الميامين الملوك السابقون - رحمهم الله -، وصولاً إلى هذا العهد الزاهر عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز ولي العهد رئيس مجلس الوزراء.
وحق لنا أن نحتفل بهذه الذكرى المجيدة مفخرة بتاريخ بلادنا الناصع واستحضاراً لمجاهدات الأبطال الذين صنعوا هذا الإرث التليد، واعتزازاً بمنجزات الحاضر التي تشهدها المملكة وتفاؤلاً بالنظرة المستقبلية التي تهدف إلى وضع مملكتنا الحبيبة في مصاف الدول المتقدمة وفق رؤية 2030.
حفظ الله قيادتنا الرشيدة وأدام عليها موفور الصحة والعافية وحفظ بلادنا من كل شر ومكروه، وأدام عليها نعمة الأمن والاستقرار والوفرة والرخاء إنه سميع قريب مجيب.